كتبت صحيفة “الديار”: قبل ساعات على جلسة «مرشحي اقوى من مرشحك»، يستمر عدّ الاصوات بين القوى السياسية والكتل النيابية، الباحثة عن «بوانتاج» يساعدها للانتقال الى اليوم التالي، متسلحة بارقام تفاوض فيها من موقع اقوى. فالمعارضة المتقاطعة مع «التيار الوطني الحر» تريد فوزا بالارقام على المرشح سليمان فرنجية تخرجه من السباق، ولا بأس حينها من خروج مرشحها جهاد ازعور من المشهد، بعدما يكون قد ادى «قسطه للعلا» في منازلة يوم الاربعاء، حيث يدرك كلا طرفي المواجهة انها لن تنتج رئيسا.
واذا كان هم «الثنائي» ومن معه من حلفاء جعل الفارق بالاصوات متقاربا، فان الفريق الآخر يسعى الى الوصول إلى فارق «محرز» يتيح إطاحة المرشحين معاً، والبدء بالتفاوض على اسم مرشح ثالث، مستفيدة من تأجيل جان ايف لودريان رحلته الى بيروت الى ما بعد جلسة الانتخاب، لمحاولة فرض امر واقع جديد على الفرنسيين، الذين لا يرغبون بهزيمة سياسية جديدة على الساحة اللبنانية، وهو ما حاولت السفيرة الفرنسية آن غريو استكشافه في لقائها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالامس، من خلال الاطمئنان على عدم تعرض الديبلوماسية الفرنسية لنكسة يوم الاربعاء. بينما نقل رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السباق وليد جنبلاط «رسالة» الى بري اكد فيها قناعته بضرورة الحوار، وبعدم وجود فرصة لنجاح ازعور، مبررا موقفه «بالاجماع المسيحي».
لكن ما سمعته غريو في «عين التينة» يشير بوضوح الى ان الفريق المؤيد لفرنجية لن يسمح بمرور ازعور، حتى لو اضطر الى تطيير الجلسة الثانية، دون الاكتراث بكل حملة التهويل بالموقف الدولي والاقليمي. في المقابل، لم تنجح «القوات اللبنانية» التي تولت مهمة «الهجوم» غير المنضبط ضد النواب «الرماديين» واتهمتهم بالخيانة في ثنيهم عن موقفهم، وقد اعلنوا بالامس انهم مصرون على الخيار الثالث ، الذي قد يترجم بشعار «لبنان الجديد».
وهكذا لم يتبدل المشهد بالامس ولا مفاجآت حتى الآن. «الثنائي» جدد التمسك بمرشحه. ازعور خرج ببيان رئاسي مكتوب ردا على فرنجية، لم ينزع عنه صورة مرشح التحدي. «لعبة البوانتاج» تزيد او تنقص، بحسب الطرف الذي يقوم بالعدّ. وتبقى الاسئلة هي الاهم: ماذا عن اليوم التالي للجلسة بعد انتهاء المناورات ؟ هل سنكون امام حوار داخلي؟ ام ينتقل «الكباش» الى مرحلة قاسية بغطاء دولي- اقليمي؟ ماذا سيحمل لودريان؟ ماذا عن الموفد القطري؟ وهل سيبقى «الصمت» السعودي على حاله؟ وماذا عن الموقف الاميركي؟ هل سيبقى التحالف حول ازعور صامدا؟ وهل سيقبل «الثنائي» اصلا النقاش خارج ترشيح فرنجية؟
اسئلة ستبقى مفتوحة دون اجوبة، والخميس سيكون يوما آخر في بلد غارق في الازمات، ينتحر مواطنوه من الفقر والعوز بزيادة 65 بالمئة عن العام المنصرم، فيما يزداد توتر دولة الاحتلال الاسرائيلي على الحدود، والجديد اليوم كشف احد كبار الضباط عن خطة حزب الله للدخول الى قرى ومدن في الجليل!.
حملة تخوين!
اذا،عشية الجلسة يوم الاربعاء، سُجلت لقاءات بين النواب ممن لم يحسموا خياراتهم بعد، فيما الاتصالات البعيدة عن الاضواء كانت «نجمة» يوم امس وستشهد زخما اليوم، وكان ابرزها لقاء عقد بين النائب جبران باسيل والمدير العام السابق للامن العام اللواء عباس ابراهيم، لم يحمل اي جديد «نوعي» بالنسبة للجلسة. في هذا الوقت، اثار هجوم «القوات اللبنانية» الممنهج على من اسمتهم بالنواب «الرماديين» غضبا لدى شريحة واسعة من هؤلاء، الذين تمسكوا بالامس بمواقفهم، رافضين تهمة الخيانة التي تحاول المعارضة الصاقها بهم.
ووفقا لمصادر مطلعة، فان «نقمة» المعارضة سببها عدم استجابة بعض نواب «التغيير» والنواب السنّة المستقلين ونواب تكتل «الاعتدال الوطني» ونواب الجنوب المستقلين، لفكرة تم طرحها للخروج عن ضبابيتهم والعدول عن فكرة التصويت بأوراق بيضاء او لاسم أو اسماء يعرفون سلفا انها لن تصل الى بعبدا ، وبرأي تلك المصادر، يمكن لهذا التكتل من النواب «الضائعين»، كما تسميهم المعارضة، ان يقلبوا المعادلة وان ينقلوا الجلسة مِن ضفة الى اخرى «رمزيا» حتى مع تطيير الدورة الثانية، لان تجيير النواب المترددين اصواتهم لأزعور، من دون تشتيتها وتضييعها باقتراعٍ غير مفيد، سيجعله بحكم الامر الواقع رئيسا للجمهورية، فالمطلوب ان ينال اكثر من 65 صوتا في الدورة الاولى. في المقابل، ترد مصادر هؤلاء النواب بالتأكيد انهم لن يكونوا «لعبة» بيد احد، ولن يكونوا جزءا من انقسام لن يؤدي الى انتخاب رئيس، وهم يريدون التأكيد على وجود خيار ثالث، وليس من حق احد مصادرة قرارهم.
ماذا يريد «الاعتدال الوطني»؟
وفي هذا السياق، تمسك التكتل النيابي المستقل الذي يضم 10 نواب، خلال اجتماع في دارة النائب محمد الحوت بموقفه، واعلن النائب محمد سليمان بعد اجتماع اللقاء الذي يضم 10 نواب من «الاعتدال الوطني» ونواب مستقلين من كل المناطق، ان «الخيارات مفتوحة يوم الاربعاء، ونحن خارج الاصطفافات ومع انتخاب رئيس فقط». تابع: «نحن لسنا مع الإنقسام العمودي، ونحن مع التوافق الوطني الذي ينتج رئيسا، وسنكون موجودين بكل الجلسات الأولى والثانية، ولن نعطل أي نصاب وسيكون لدينا اسم». بدوره، قال الحوت: «بياننا واضح ولسنا مع تسجيل النقاط بل التوافق لاخراج البلد مما هو فيه». اضاف: «افساحا لفرصة النقاش لن نعلن عن اي اسم» .ووفقا للمعلومات، فان التوجه هو للتصويت في الجلسة الاولى بشعار «لبنان الجديد».
تناقض «البوانتاج»
وفي هذا السياق، ووسط تناقض في» البوانتاجات» بين الفريقين، لا يزال من الصعب تحديد الكتلة المتردّدة بدقة، ويبقى الرهان على الساعات الحاسمة. وفيما يتحدث فريق أزعور عن ملامسة 62 صوتا، تجزم مصادر نيابية في المقابل انها لم تتجاوز حتى مساء امس 56 صوتاً، قد تزيد إلى 62 صوتاً ربطاً باتصالات تجري مع عدد من النواب المستقلّين. وتلفت تلك الاوساط الى ان رئيس «تكتل لبنان القوي» لم ينجح في اقناع نواب تكتله المعترضين بالالتزام بقرار التيار، وأن هناك ما لا يقل عن أربعة نواب لن يصوّتوا لأزعور بالإضافة إلى نواب «الطاشناق»، وهو امر تصر على نفيه مصادر «التيار».
أما الفريق الداعم لفرنجية فينطلق من تحالف يضم 45 نائباً ، وسينضم اليهم نواب من كتل اخرى سيشكلون رافعة تقرّب المسافات بين المرشحين، وتنسف خطة المعارضة- «التيار» لحرق ترشيح فرنجية. ويحتفظ «الثنائي» بالقدرة على تطيير الجلسة في دورة الانتخاب الثانية تحت سقف الدستور، ولن يتوقف عن التهويل بالخارج، وهو سيزداد تمسكا بترشيح فرنجية، لان الطرف الآخر سيكتشف ان حساباته خاطئة.
ازعور: لستُ مرشح تحد
وبعد ساعات على كلمة فرنجية، أصدر الوزير السابق جهاد ازعور، بيانا اكد فيه انه لا يتحدى احدا بل يمد يده للجميع، واشار الى انه في مهمة بسيطة وكبيرة في آن واحد، «هي الخروج في أسرع ما أمكن من الوضع الشاذ الذي نحن فيه، والتأسيس لمستقبل مزدهر يعود فيه لبنان مصدر إشعاع وريادة بفضل قدرات أبنائه وشبابه العلمية والثقافية». ورأى ان «ترجمة هذا الطموح إلى واقع تحتاج إلى مجموعة مقوّمات، في مقدّمها الاستقلال التام عن أي تدخلات خارجية، وحماية الأرض والسيادة الكاملة، واعادة الأعتبار للدولة ومؤسساتها، والالتزام بالدستور، وتحصين وثيقة الوفاق الوطني من خلال تطبيقها كاملةً بكل مندرجاتها، لكونها المساحة المشتركة الفضلى والقاعدة الحقيقية للعيش معاً. كذلك سأعمل بالتعاون مع الجميع على إعادة وصل ما انقطع مع محيطنا العربي ومع دول العالم الأخرى».
غريو: لا نريد الهزيمة
وفيما اكدت مصادر مطلعة، ان وليد جنبلاط ابلغ بري انه اتخذ موقفا ينسجم مع الاجماع المسيحي «لدقة المرحلة»، جازما ان ازعور لن يصبح رئيسا، وثمة كلام آخر بعد الجلسة. حضر الملف الرئاسي في لقاء بين بري والسفيرة الفرنسية آن غريو التي غادرت من دون الإدلاء بتصريح. ووفقا للمعلومات، لم تتحدث السفيرة امام بري لا تلميحا او على نحو صريح عن اي تغيير في المقاربة الفرنسية للاستحقاق، ولفتت الى ان المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان سيزور بيروت في القريب العاجل، لتزخيم حركة الاتصالات السياسية، وكانت حريصة ومهتمة بمعرفة نتائج جلسة يوم الاربعاء. وتمحورت اسئلتها حول احتمالات انتاج رئيس من عدمه، واوحت بان باريس مهتمة بعدم تعرضها لنكسة سياسية جديدة على الساحة اللبنانية، اذا اسقطت مبادرتها من خلال «تهريب» التصويت لازعور!
وكان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب قد التقى السفيرة الفرنسية ، ولفت إلى أنّ غريو أبلغته «احتمال مغادرتها لبنان في شهر آب المقبل لاستلام مهامها كمديرة لشؤون الشرق الـوسط في وزارة الخارجية الفرنسية، على أن ينتقل سفير فرنسا في أنقرة هيرفيه ماغرو إلى بيروت ليتسلّم مهامه الديبلوماسية سفيراً لفرنسا لدى لبنان.
«اسرائيل» وسيناريو الحرب!
امنيا، وفيما حذر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من استمرار قوات الاحتلال الاسرائيلي بخروقاتها للسيادة اللبنانية، رسم ضابط «اسرائيلي» كبير سيناريو مرتقب تتوقعه «اسرائيل» لكيفية سيطرة حزب الله على مستوطنات في الجليل في الحرب المقبلة، وأستهزء من دور قوات «اليونيفيل». واشار ضابط الاحتياط بالجيش «الإسرائيلي» جاك نيريا، وهو ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية «الإسرائيلية» ومسؤول عن ملف لبنان، أن القوات الدولية ستتحول لدرع بشري حال وقوع حرب، حيث أنهم لا يجرؤون على الاقتراب من قوات حزب الله. وقال «في حال وقوع حرب مع حزب الله سيتم ضرب 2000 صاروخ يوميا على الأقل على إسرائيل»، مشددا على أن «إسرائيل ستوجه ضربة لحزب الله بالوقت الذي يناسبها».
الدخول الى الجليل؟
ورأى «أن تصريحات حزب الله باتت جدية أكثر، وإذا نظرنا الى أرض الواقع نرى أن هناك مخططات لبرنامج مقاومة ضد «إسرائيل» مثلا، ونعرف أنه يوجد لحزب الله خطة للاستيلاء على جزء من الجليل الأعلى من جهة كريات شمونا حتى نهاريا، وبحسب خطتهم تقوم خمسة ألوية من وحدة النخبة – الرضوان بالدخول الى ثلاثة محاور.. وهذه الألوية ستدخل خلال اجتياح محتمل لحزب الله». وأضاف «هناك تخطيط لحزب الله لشن حرب تبدأ من خلال شن آلاف الصواريخ تجاه «إسرائيل»، قوات الرضوان تدخل الى الحاجز وتحاول تدميره من أربعة مواقع حتى يكون خرق للخطوط الإسرائيلية وسيتم الاستيلاء على كرميئيل بالداخل وكريات شمونة بالشرق ونهاريا، هذا التخطيط القائم واسرائيل تجهز نفسها لهذا التخطيط بالذات». واقر بان حزب الله يمتلك تخطيطا طويل المدى.
توترات خطيرة
وكان ميقاتي، طالب الأمم المتحدة بالضغط على «إسرائيل» لوقف خروقاتها المتكررة للسيادة اللبنانية، جاء ذلك عقب اجتماع ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، مع القائد العام للقوات الدولية في الجنوب «يونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو، لبحث الوضع الأمني جنوب البلاد. وجدد ميقاتي تأكيد التزام لبنان بمندرجات القرار الدولي رقم 1701 والتنسيق بين الجيش وقوات اليونيفيل للحفاظ على الاستقرار في الجنوب وعلى طول الحدود اللبنانية. وطالب الأمم المتحدة بـ«الضغط على إسرائيل لوقف خروقها المتكررة للسيادة اللبنانية، وأيضا بوقف الأشغال ضمن الأراضي اللبنانية، لأن هذا الأمر يتسبب بتوترات خطيرة».
جلسة الحكومة
من جهة ثانية، وعشية جلسة مجلس الوزراء اليوم التي ستبحث في ملفي النزوح ، وطلب وزارة العدل الموافقة على عقد اتفاق بالتراضي مع محاميين فرنسيين لمعاونة رئيس هيئة القضايا في الدعوى المقدمة بملف انا كوساكوفا ورفاقها، وعشية توجه بوحبيب الى مؤتمر بروكسيل، المخصص للبحث في الملف السوري والنزوح السوري، اكدت مصادر وزارية ان عددا من الوزراء سيطرحون اليوم من خارج جدول الاعمال امتناع ميقاتي عن توقيع مرسوم ترقية الضباط في الجيش والأجهزة الأمنية، بعد نحو أسبوع على توقيع الوزراء المختصين على المشروع. ويتمسك ميقاتي بموقفه لجهة تنفيذ الاتفاق بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي وقائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي شمل الترقيات والتعيينات في المجلس العسكري، وهو لن يسير بالترقيات وحدها، وهو يريد تعيين اعضاء مجلس قيادة قوى الامن، وكذلك اعضاء المجلس العسكري الذي يجب ان يكون مكتملا لسد الفراغ في رأس المؤسسة العسكرية، إذا أحيل قائد الجيش إلى التقاعد، مطلع العام المقبل.
وفي هذا السياق رفض وزير الدفاع موريس سليم، المحسوب على «التيار الوطني الحر»، طلب ميقاتي بإعداد اقتراح أسماء ضباط لتعيينهم في المجلس العسكري، وابلغه ان فريقه السياسي يرفض اي تعيينات تجريها حكومة تصريف الأعمال، مع العلم انه لم يعترض على ترقية الضبّاط لأن أكثر المشمولين بالترقية هم ضبّاط ما يُعرَف بـدورة عون عام 94.
ارتفاع نسب الانتحار
وربطا بالاوضاع الاقتصادية السيئة في البلاد، ارتفعت حالات الانتحار خلال الأشهر والأيام المنصرمة من العام الحالي إلى 66 ضحية، مقارنة بـــ 40 حالة في الفترة نفسها من العام الماضي، مسجّلة ارتفاعًا بنسبة 65 بالمئة بحسب «الدولية للمعلومات» التي اشارت الى ان من شأن استمرار الأمر على هذه الوتيرة، أن يرفع العدد في نهاية العام إلى أكثر من 170 ضحية، وهو الرقم الأعلى المسجّل بين الأرقام في الأعوام الممتدّة من 2012 إلى 2022 ولفتت الى أنّ حالات الانتحار المذكورة أعلاه، هي تلك التي سجلتها قوى الأمن الداخلي، وقد تكون هناك حالات لم تسجّل على أنّها حالات انتحار، وبالتالي فقد تكون حالات الانتحار الفعلية أعلى من الأرقام الموثّقة. وكانت بلدة عازور في قضاء جزين، صباح يوم الخميس الماضي، حيث إقدم أحد المواطنين على قتل زوجته ووالدتها، ثم قتل نفسه تاركاً أولاده الثلاثة. وقبل ذلك، في بلدة داريا في الشوف، يوم 24 شباط 2023، حادثة مماثلة عندما أقدم أحد المواطنين على خنق زوجته وابنه البالغ 3 سنوات، ثم رمى بنفسه من أعلى المبنى.