«الحماس» المفاجئ من مختلف الكتل النيابية لحضور جلسة الغد، المخصَّصة لمناقشة النزوح السوري، والبت بمصير الهبة المليارية من الإتحاد الأوروبي، يستحق أن يكون «بروفة» لجلسة، أو جلسات متتالية، لإنتخاب رئيس للجمهورية، وطوي صفحة الشغور الرئاسي، والتداعيات التي خلفتها في تردي الأوضاع العامة في البلاد.
إنعقاد الجلسة غداً، بهذه الكثافة من الحضور النيابي، لا يعتبر إنجازاً للرئيس نبيه برى وحسب، بل يجب أن تكون هذه الخطوة فاتحة لمراجعة شاملة من قبل المقاطعين للجلسات النيابية، بحجة عدم جواز التشريع في ظل الشغور الرئاسي.
بل وأكثر من ذلك،ممكن أن تشكل تحولاً في موقف المقاطعين للحوار، بهدف التوافق على الإنتخابات الرئاسية، سواء عبر التزكية، في حال التوصل إلى إتفاق على اسم مرشح واحد، أو عبر التنافس الإنتخابي، في حال عدم التوافق، والإبقاء على عدد من المرشحين في السباق الرئاسي، فيفوز من يحصل على الأكثرية من أصوات النواب.
العودة إلى الحوار تحت قبة البرلمان، من شأنها أن تساعد على «لبننة» الإستحقاق الرئاسي، بدعم عربي ودولي، عبر اللجنة الخماسية، التي وضعت مواصفات تراعي التوازنات اللبنانية التقليدية، وتؤكد على أهمية أن يكون الرئيس العتيد منفتحاً على الجميع، ولا يشكل تحدياً أو إستفزازاً لفريق، ولا يُعتبر وصوله إلى قصر بعبدا إنتصاراً لفريق سياسي معين، وإنكساراً لفريق آخر.
لم يفلح أيٌّ من الفريقين، المعارضة والممانعة، في إيصال مرشح أحدهما إلى سدة الرئاسة الأولى، على مدى ١٢ جلسة نيابية، كانت ذروتها في جلسة ١٢ حزيران الماضي، حيث بلغت التقاطعات أوجهاً بين أفرقاء المعارضة، ودعموا ترشيح جهاد أزعور، الذي حصل على ٥٩ صوتاً، في حين حصل مرشح الممانعة على ٥١ صوتاً، ودخل بعدها الإستحقاق الرئاسي في مرحلة جمود قاتل.
قضية النزوح السوري على خطورتها، تبقى أقل أهمية من الإنتخابات الرئاسية، التي تستحق من كل الأطراف السياسية، تقديم تنازلات متبادلة على طاولة الحوار المقتصر على الإستحقاق الرئاسي، على أن يعقبه الذهاب إلى جلسات إنتخابية مفتوحة ومتتالية، يتعهد فيها الجميع بعدم تطيير النصاب، إلى أن يتم إنجاز إنتخاب الرئيس العتيد.
لعل هذه الآلية هي السبيل الأفضل، حتى الآن، لإنهاء الشغور الرئاسي، وإنقاذ البلد مما يتخبط فيه من مشاكل وأزمات، تتطلّب معالجتها وجود سلطة قادرة ومتماسكة، وإعادة الفعالية للمؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات الدستورية.