وجه أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، تهديدات الى المدعي العام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، والى موظفي المحكمة وعوائلهم، في حال اصدر خان مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير حربه يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، على خلفية الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة، وسياسة التجويع الممنهج التي تمارسها ضد اهالي غزة.
وفي هذا الاطار ذكر موقع أكسيوس الامريكي ان 12 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ، من بينهم توم كوتون وماركو روبيو وتيد كروز، وجهوا رسالة تهديد الى كريم خان حذروه فيها من انه في حال إقدام المحكمة الجنائية الدولية على إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو و”مسؤولين إسرائيليين” آخرين، فإن الخطوة ستعتبر تهديدا ليس فقط لسيادة “إسرائيل”، ولكن لسيادة الولايات المتحدة أيضا، مما ستترتب عليه عقوبات ثقيلة وفق الرسالة. واللافت في الرسالة، اللغة التي كتبت بها، فكانت لغة في غاية السوقية، وتشبه الى حد بعيد لغة عصابات المافيا، فقد تم تهديد خان بالقول “إذا استهدفت إسرائيل، فسنستهدفك”. كما هددوا بفرض عقوبات على موظفي المحكمة، وبحظر دخول المدعي العام وعائلته إلى الولايات المتحدة. وختم أعضاء مجلس الشيوخ رسالتهم بعبارة “لقد تم تحذيرك”!!.
المضحك ان الموقف الامريكي المخزي هذا، جاء استجابة لطلب من نتنياهو، المطارد من محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، على خلفية جرائم الحرب والابادة التي يرتكبها منذ اكثر من 7 اشهر في غزة، وكذلك المطارد من قبل محاكم كيانه بسبب فساده المالي والسياسي والاخلاقي، حيث دعا نتنياهو في 30 أبريل/نيسان الماضي، من اسماهم بـ”زعماء العالم الحر”!! العمل على منع صدور مذكرات اعتقال دولية من المحكمة الجنائية الدولية ضده.
ما اسرع ما استجابت “زعيمة العالم الحر” لطلب مجرم الحرب وقاتل الاطفال نتنياهو، عندما هددت المحكمة الجنائية الدولية، على طريقة الكابوي المقززة، الامر الذي يؤكد ان ما يجري في غزة هو من صنع امريكا حصرا، وما نتنياهو وكيانه الا عصا قذرة بيد الامريكي، وهذا التورط الامريكي المباشر في قتل الشعب الفلسطيني الاعزل، كان السبب الرئيسي وراء انتفاضة الجامعات الامريكية، ضد سلطات بلادهم.
ان رسالة اعضاء مجلس الشيوخ الى كريم خان، وموقف ادارة بايدن من المحكمة الجنائية، عمليا يعني، اطلاق يد نتنياهو، ليفعل ما يشاء في غزة، و الا يخشى اي مساءلة، وعليه ان ينهي المهمة التي اوكلت اليه دون اي منغصات، مادام العالم احادي القطب، ومادامت امريكا تهيمن على هذا العالم.
هنا تتكشف صوابية وحكمة مواقف ايران وفنزويلا وروسيا والصين وكل الدول المناهضة للنظام العالمي الحالي التي تتحكم به امريكا، وهو عالم لا يقيم وزنا للقوانين والاعراف والمحافل الدولية، وعلى راسها منظمة الامم المتحدة، في حال تعارضت مع مصالح امريكا غير المشروعة. كما انكشفت كذبة امريكا الكبرى، من ان عدائها لايران وروسيا والصين وفنزويلا و..، هو بسبب حقوق الانسان والحرية والديمقراطية وسيادة القانون، فهي من جانب تؤيد قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على خلفية الحرب في اوكرانيا، رغم ان روسيا ليست عضوة في المحكمة، بينما ترفض قرار المحكمة في حال صدر ضد نتنياهو، بذريعة ان الكيان الاسرائيلي ليس عضوا في المحكمة!!.
عندما تعمل امريكا وبشكل علني على تقويض استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، وتعيق عمل مسؤوليها عبر تخويفهم وتهديدهم، وتستخدم الفيتو ضد كل مشاريع قرارات وقف الحرب في غزة ، في مجلس الامن الدولي، وتمد الكيان الاسرائيلي بأحدث الاسلحة الفتاكة، وبعشرات المليارات من الدولارات، وتغطي على جرائمه في غزة، فمن الطبيعي ان يتجاهل نتنياهو القرار رقم 2728 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والداعي لوقف فوري لإطلاق النار. ويتجاهل ايضا قرار محكمة العدل الدولية، التي طالبته بالامتثال لاتفاقية مكافحة الإبادة الجماعية، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
عندما تعطل امريكا عمل مجلس الامن، وتشل عمل محكمة العدل الدولية، وتهدد المحكمة الجنائية الدولية، وتمنع الجميع حتى من مساءلة نتنياهو او انتقاد “اسرائيل”، تُرى من هي الجهة التي يمكن ان يلجأ اليها الشعب الفلسطيني، ليحميه من الوحش الاسرائيلي؟، ومن هي الجهة التي يلجأ اليها الشعب الفلسطيني لينصف ضحاياه من نتنياهو، وهم اكثر من 112 ألف شهيد وجريح، أغلبهم من الاطفال والنساء، وحوالي 10 آلاف مفقود، فضلا عن دمار شامل في غزة، وحصار وتجويع لسكانه؟.