نشرَت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيليّة تقريراً قالت فيه إنهُ مع استمرار احتدام الحرب في غزة، فإنَّ الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان تعيش حالة من الجمود والقلق.
ويتطرق التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24” إلى كيفية تخطيط صحافي إسرائيليّ لرحلة ميدانية إلى منطقة الحرب في شمال إسرائيل، ويقول: “أنت تبحث عن مكان يشهد بعض الأحداث العسكرية، ولكن ليس كثيراً، لأنك لا تملك خوذة أو سترة واقية”.
وبمعنى آخر، فإنّ الصحافيين قد يختارون أماكنَ قد لا يكون فيها التوتر مرتفعاً وذلك بسبب عدم توفر وسائل الحماية للكثير لهم خصوصاً أن هناك بعض النقاط الخطيرة عند الحدود والتي قد تكون ساحة للتوتر الكبير.
وفي السّياق، يضيفُ التقرير الذي كتبه أوريال هيلمان: “تجدُ نفسك في حيرة من أمرك بشأن القميص الذي سترتديه.. هل يجب أن تختار اللون الأخضر الزيتوني، الذي يوفر أقصى قدر من التمويه من بين خزانة ملابسك المحدودة، أم أن اللون الأخضر يزيد من فرص أن يخطئ قناص حزب الله بشأنك، فيعتبرك جندياً ويحددك كهدف؟”.
ويُكمل هيلمان بالقول: “أعيش على بعد ساعتين تقريباً جنوب منطقة النزاع، لذلك عندما أتوجه نحو الحدود مع لبنان، أمامي مسافة قصيرة بالسيارة، ولست متأكداً إلى أين أذهب. على طول الحدود، تواجه إسرائيل نيراناً يومية من حزب الله، وقد نزح أكثر من 60 ألف شخص من منازلهم في شمال إسرائيل منذ تشرين الأول الماضي”.
وأردف: “يزداد الوجود العسكري المرئي كلما اتجهت نحو الشمال. تكتظ الطريق بناقلات الجنود المدرعة وسيارات الجيب وشاحنات الوقود العسكرية، ويبدو أن الجنود هم المسافرون الوحيدون في محطات الاستراحة”.
يشيرُ هيلمان إلى أنهُ بالقرب من كريات شمونة، أكبر مدينة إسرائيلية تم إخلاؤها، تقلّ حركة المرور، لكنه في الوقت نفسه يبقى هناك عددٌ قليل من السيارات على الطريق، ويضيف: “لستُ متأكداً تماماً من أين يبدأ الخطر. أنا في المنطقة المعروفة باسم إصبع الجليل المحاذية للبنان من الغرب والشمال والجولان من الشرق. أتطلع إلى السماء فوق سلسلة الجبال على يساري، أبحث عن مقذوفات. إن التلال نفسها تقع داخل إسرائيل، لكن لبنان يقع خلفها مباشرة”.
ويُكمل: “في منطقة الصراع، ينبغي القيادة بسرعة بدلاً من القيادة ببطء لأنه من الصعب على مقاتلي حزب الله استهداف مركبة سريعة الحركة بسلاح محمول على الكتف. مع ذلك، فإن كافة إشارات المرور في كريات شمونة تعملُ بشكل مستمر على أضواء صفراء وامضة، فيما التوقف عند الإشارة الحمراء أمرٌ خطير للغاية”.
ويتابع: “بينما أقترب من المدخل الجنوبي لكريات شمونة، على بعد ميل ونصف الميل فقط من لبنان وفي منطقة الإخلاء، تكذّب التلال الخضراء الهادئة الحرب التي أودت بحياة حوالي 20 شخصاً في شمال إسرائيل منذ اندلاع الحرب القتالية في تشرين الأول الماضي. لا تزال المنطقة تحمل السمات المميزة لإحدى وجهات العطلات الأكثر شعبية في إسرائيل. تعلن اللافتات الموجودة على جانب الطريق عن التجديف النهري، وجولات بالمشاعل في قلعة النمرود بالقرب من الحدود السورية، وركوب التلفريك فوق جرف المنارة. لا توجد علامة تشير إلى أنها كلها مغلقة، أو توضح أن عشرات المنازل في كيبوتس منارة، وهو مجتمع إسرائيلي يبلغ عدد سكانه 280 نسمة على طول الحدود اللبنانية، قد دمرت بنيران حزب الله”.
ويضيف هيلمان: “لم أكن أنوي القيادة طوال الطريق إلى كريات شمونة، لكنني لم أواجه أي نقطة تفتيش للجيش قبل وصولي إلى المدينة، وفي السيارة المجاورة لي لمحت امرأة مسنة خلف عجلة القيادة، تبدو غير منزعجة. إذا كانت تستطيع أن تفعل ذلك، فأنا أستطيع فعل الأمر نفسه”.
وأكمل: “تمكنت من إجراء بعض المقابلات خلال زيارتي القصيرة إلى كريات شمونة، لكن قاطعتني صافرتا إنذار تحذران من إطلاق صاروخ. يهرع بي السكان المحليون للاحتماء في مطبخ مطعم الشاورما الوحيد الذي لا يزال مفتوحاً في المدينة”.
ويردف: “قبل مغادرة المدينة، أسحب الخريطة الموجودة على هاتفي للعثور على أفضل طريق للخروج. يظهر موقعي وكأنني في مطار بيروت.. أحاول مجدداً. هذه المرة أنا في القاهرة. لقد علمت لاحقاً أن السلطات الإسرائيلية تقوم بانتظام بتشويش إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في منطقة الصراع حتى لا تقدم لمقاتلي حزب الله المدججين بالصواريخ معلومات حول مكان وجود المدنيين الإسرائيليين. لقد وصلت في يوم تم فيه تشفير إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في كل أنحاء البلاد في أعقاب الهجوم على السفارة الإيرانية في دمشق، والذي كانت إسرائيل تتوقع انتقامًا منه من قبل إيران أو وكلائها في لبنان.
وأكمل: “بينما كنت أتسابق شرقاً عبر إصبع الجليل على طريق تصطف على جانبيه أشجار الكينا.. أدركت أن الأشجار تؤدي وظيفة لم أفكر فيها من قبل، فهي لا توفر ظلاً ترحيبياً فحسب، بل تحجب أيضاً خط الرؤية المباشر لحزب الله”.