باغتت أمطار الربيع أمس مزارعي البقاع، مع تفجّر السيول عقب هطول كميات كبيرة من المتساقطات، أدت إلى طوفان نهر العاصي، ما تسبب بجرف للتربة وسط تشكّل للسيول انطلقت بشكل مباشر من الهرمل إلى مناطق البقاع الشمالي.
ولم توفّر الأمطار أيًّا من المحاصيل الزراعية، أو حتى الممتلكات الخاصة والمؤسسات السّياحية. فعلى وقع الاستعدادات للانطلاق بإعادة تسيير عجلة المرافق السّياحية في المنطقة مع اقتراب الموسم السياحي الصيفيّ، اجتاحت الأمطار أمس المؤسسات السياحية والمقاهي، إذ لم توفّر أيًّا منها في منطقة البقاع، خاصة تلك القريبة من أماكن تفجر السيول وطوفان نهر العاصي، مع ارتفاع منسوب مياهه بشكل مفاجئ، وهذا ما لم يتوقعه أحد.
الأضرار الكبيرة التي أصابت هذه المؤسسات التي هي أصلاً خارجة من أزمة مالية واقتصادية جرّاء تراجع حركة السياحة، طالب أصحابها مساء أمس وبشكل فوري الجهات المسؤولة بضرورة الكشف عن الأضرار التي أصابت أماكن عملهم، والعمل على التعويض سريعا، باعتبار أن الأضرار التي تسببت بها السيول لا يستطيعون أن يتحملوا كلفتها بشكل منفرد.
من ناحية ثانية، كانت مزارع الأسماك في نهر العاصي من أكبر المتضررين، إذ أدّت السيول التي حملت مياه موحلةً إلى نفوق أعداد مهولة من الأسماك، والخسائر حسب المعنيين هي كارثية، نسبةً إلى أنّ كمية المتساقطات التي انهمرت لم تكن متوقعة أبدًا.
ويقول أحد المزارعين الذي يعمل في إحدى مزارع الأسماك أن ما حصل بالامس فاقم معاناة المزارعين في البقاع وعكار، إذ يشير لـ”لبنان24″ إلى أنّ عواصف الشتاء الأخيرة أدت إلى تساقط ما يقارب 1500 هكتار من الحمضيات على الارض، التي تم جرفها إلى البحر عبر السيول. والامر نفسه بالنسبة إلى البيوت البلاستيكية، إذ إن أكثر من 25 ألف بيت بلاستيكي حسب تعبيره تضرّر ما بين 50 إلى 100%، بمعدل 1500$ وصولاً إلى 2000$ عن كل بيت، وتراوحت الاضرار حسب المزارع بين اختناق وانجراف التربة وردم للمزروعات.
الأمر نفسه حصل أمس، داخل “مزارع الأسماك” التي تعرّضت إلى ضربة قاسية لا يمكن أن تقدّر في الوقت الحالي، بانتظار أن يعود النهر إلى المستويات التي كان عليها قبل العاصفة.
ويوضح المزارع لـ”لبنان24″ أن الأضرار بطبيعة الحال كانت بسبب المياه الموحلة جرّاء السيول التي صبّت في النهر، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى نفوق الأسماك بسبب اختناقها جرّاء الوحول والأوساخ والتّراب، حيث يشدّد على أنّ تربية الأسماك على ضفاف النهر، وخاصة أسماك الترويت تحتاج لعناية خاصة، وذلك من خلال تأمين مياه نظيفة ودرجة حرارة معينة.
ويلفت المزارع إلى أنّ تربية الأسماك غالبا ما تتم تحت إشراف مختصين ومهندسين زراعيين، نظرًا إلى أنّ هذه المهنة باتت تشكّل في الوقت الحاضر مصدر رزق لأكثر من 200 عائلة في المنطقة فقط.
وحسب معلومات “لبنان24” فإن أكثر من 150 مزرعة أسماك تم إنشاؤها على ضفاف العاصي، وتعتاش منها عائلات وعمال المزارع، إذ من الممكن أن يتشارك أكثر من مزارع في أكثر من مزرعة موزعة على نقاط مختلفة على ضفاف النهر.
وبانتظار إحصاء الخسائر، فإن أزمة السيول الموحلة التي من المتوقع أن تكون قد قضت على أطنان من الأسماك، ستفاقم معاناة المزارعين الذين هم أصلا يعانون على صعيد هذه الزراعة التي تعتمد بشكل أساسي على المبادرة الفردية، إذ إنّ تكلفة تجهيز السمك للبيع تمر بعدة مراحل، من بينها تأمين أحواض ومزارع نظيفة، بالاضافة إلى استيراد الاعلاف التي تأتي على شكل كبسولات من الخارج، حيث أن تكلفتها بطبيعة الحال هي بالدولار، علمًا أن سعر هذه الاسماك قد انخفض إلى النصف بعد الازمة التي ضربت لبنان.