قد يكون هذا السيناريو من بين السيناريوهات غير المتوقعة.. لكن ما يدفع اليه، قاعدة التضحية بشخص من اجل الحفاظ على المصلحة الاستراتيجية بين أمريكا وكيان الاحتلال الاسرائيلي.
لا شك أن امريكا شريك اول في العدوان على الشعب الفلسطيني والمجازر والإبادة القائمة ضده، و”اسرائيل” تأتي في المرتبة الثانية في الجريمة.
لكن تضارب المصالح الشخصية بين رئيس الوزراء الاسرائييلي بنيامين نتنياهو والرئيس الامريكي جو بايدن بات يلقي بظلاله على العلاقات بين الجانبين.
فهل سيقبل بايدن بأن يزيل نتنياهو المزيد من هيبته الدولية وشعبيته الانتخابية في الداخل الامريكي، ليحقق هو مصالحه في الداخل “الاسرائيلي” مستفيدا من الدعم الامريكي للعدوان على غزة؟
ام ان لبايدن وحزبه الديمقراطي، رأيا آخر على أبواب انتخابات حساسة جدا وتنافسية هامة مع الجمهوريين، باتت غزة لاعبا مهم جدا فيها؟، لا سيما مع تنامي التظاهرات في الداخل الامريكي المنددة بدور بايدن الداعم للعدوان.
حتى الان يمكن القول إن بايدن فشل في تطويع نتنياهو ‘المتمرد’..وبات محرجا داخليا قبل دوليا..لذا ‘فرك’ بايدن اذن نتنياهو قليلا، بعدم استخدام الفيتو ضد مشروع قرار مجلس الامن ‘المبتور’.. عله ‘يطوعه’.
رد نتنياهو كان غاضبا وقويا، بوصفه القرار الامريكي’ كان سيئا جدا’.. ثم الغائه زيارة الوفد الاسرائيلي الى واشنطن حيث كان مقررا ان يناقش التطورات وتنسيق المواقف لا سيما في قضية العملية العسكرية الاسرائيلية ضد رفح. الا ان من ‘زمق’ الى واشنطن كان وزير الحرب الاسرائيلي ‘ يؤاف غالات ‘ الذي يعيش صراعا مع نتنياهو جراء مصادرته صلاحياته، ومنعه من القيام باي خطوة دون اذن منه..
ويعتبر غالانت احدى الشخصيات المفضلة لواشنطن لخلافة نتنياهو الذي ابدى انزعاجه الشديد من تقرير استخباراتي امريكي، يتحدث عن بحص واشنطن عن خليفة له..مع الاشارة الى ان موضوع الخلافة كان طرحه بايدن على نتنياهو مع بدء العدوان على غزة.. ثم طويت صفحته .
‘تمرد’ بيبي ‘نتنياهو’ على حاميه الامريكي، ليس هناك من هو قادر على وضع حد له، سوى جهتين اسرائيليتين داخليتين، هما الجيش والمؤسسة الامنية.
وبين الخيارين قد يكون الجيش اقوى من المؤسسة الامنية، لان الجيش اُرهق في الحرب على غزة وتكبد اثمانا ‘باهظة جدا’ بحسب غالانت، وتم تحميله مسؤولية فشل مواجهة عملية طوفان الاقصى، وتعرض للتنمر والانتقادات الشديدة من قبل اطراف عديدة في الحكومة لا سيما المتطرفين فيها، وقبل ايضا تحمل المسؤولية ، الا ان بيبي رفض تحمل المسؤولية والقى بها على كاهل الجيش والمؤسسة الامنية.
واذا ما أضفنا الى هذه الازمة، بندا، هو ان احد اسباب تصلب نتنياهو في مواجهة الارادة الامريكية، هم المتطرفون اليمنيون في الحكومة الذي يشكلون له عصب القوة وعدم الانهيار، فان المصلحة الامريكية قد تقتضي ايضا، إسقاط نتنياهو وحلفائه المتطرفين ك ‘بن غفير’ و ‘سموتريتش’، والاتيان، بحكومة اخرى، تحفط المصالح بين الجانبين، قبل ان تستفحل الخلافات الشخصية وتؤثر على العلاقات العضوية بينهما.
ما يهيئ لهذا السيناريو ايضا، ان مقبولية ازاحة نتنياهو عن المشهد، باتت قائمة فش الشارع “الاسرائيلي”، فتحركات عوائل الاسرى لدى المقاومة الفلسطينية المطالبة باستقالة نتنياهو وحكومته، وسحب رئيس الموساد والشاباك من مفاوضات الدوحة لانجاز صفقة التبادل، وانهيار شعبية نتنياهو الى حوالي النصف، ومشروع اعفاء المتدينيين الحريديم عن الخدمة العسكرية الالزامية، التي تعارضه الغالبية، ومنهم غالانت، وغانتس الذي هدد بالاستقالة ان تم تمرير هذا القانون في الكنسيت، وذلك بعد استقالة جدعون ساعر من حكومة الطوارئ، حيث لا تأثير له في الحكومة ومستبعد عن اتخاذ القرار.
ربما تحسس نتنياهو لهذا الخطر.. وبدأ يتراجع عن بعض خطواته..مثل اعادة ترتيب زيارة الوفد “الاسرائيلي” الى واشنطن. وتسريب تأجيل موعد العدوان البري على رفح الى ما بعد شهر رمضان المبارك.
لكن هل هذه الخطوات ‘ التراجعية’ يمكن ان ترفع ثقة بايدن والديمقراطيين، بيبي؟ ام ان الاطاحة به باتت حاجة ملحة، للمرحلة المقبلة..؟
قد يكون هذا حل لبايدن لايجاد:
1- مخرج لفشل تحقيق اهداف العدوان على غزة وايجاد تسوية ما، عبر تحميل نتنياهو كامل المسؤولية
2- توفير تبرير لدول عربية لتسهيل عملية البحث ‘في اليوم التالي’ لما بعد الحرب على غزة
3- محاولة لغسل يديه (بايدن) من دماء الفلسطينيين والعدوان، عبر معاقبة نتنياهو بالاطاحة به، مما يشكل رافعة شعبية لبايدن في الانتخابات الامريكية، بعد ان كان دعمه المطلق لعدوان نتنياهو، سببا مهما في انهيارها.