طرح اشتراك حزب الله في معركة طوفان الأقصى من خلال عمليات الإسناد التي قام بها في اليوم التالي من العملية العديد من علامات الاستفهام حول أسباب هذا التدخل، وهل هو استباق لعمل إسرائيلي عدواني على لبنان يمسّ بأمنه القومي أم مجرد إسناد لغزة دعماً ونصرةً لها. يعالج هذا المقال المتغيرات الناتجة عن عملية طوفان الأقصى، حيث يناقش أسباب دخول المقاومة في لبنان في الحرب القائمة على القطاع من خلال عمليات الإسناد وما تشكله هذه العمليات من تأثير على الأمن القومي اللبناني.
العمل العسكري عقب طوفان الأقصى
شكلت عملية طوفان الأقصى والجبهة اللبنانية كارثة استراتيجية على الكيان أفقدته عنصر الردع وسلطة القوة وعامل المفاجئة، أما عن توجهه نحو القيام بعمل عسكري ضد لبنان في اللحظات التي تلت طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر كانت تهدف إلى:
– كان على الإسرائيلي اللجوء بمبادرة لمنع الآخرين من اللجوء إلى العمليات.
– التخوف من أن تكون عملية طوفان الأقصى لها استكمالات من باقي أضلع محور المقاومة.
– الحفاظ على الردع القائم مع المقاومة في لبنان.
– استعادة سلطة القوة.
– السيطرة على الساحة الشمالية من خلال النيران.
– منع المقاومة في لبنان من المبادرة بأعمال هجومية.
– استباق حزب الله من القيام بعمل مماثل لما جرى في السابع من أكتوبر.
– إفقاد حزب الله لعامل المفاجأة حال قيامه بعمل شبيه لعملية طوفان الأقصى.
– منع حزب الله من التدخل في الحرب.
– الرعب والجنون الإسرائيلي واندفاعه نحو القيام بعمل عسكري ضد لبنان.
شكلت عملية طوفان الأقصى صدمة كبيرة لدى المسؤولين في الكيان وأحدثت تخبطاً لدى صناع القرار والقيادات العسكرية، وهو دافع لقيام الكيان بخطوة غير محسوبة تجاه لبنان مخافة التصعيد من قبل المقاومة اللبنانية.
وبناءً على التجربة مع الكيان المؤقت ومطامعه الدائمة تجاه لبنان وطبيعته العدوانية خاصة تجاه الطرف الذي يشكل له تهديداً، فإن ما خسره في عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر والخلل في التوازن الذي كان قائماً قبل يوم العملية، دفع المقاومة في لبنان التي لمست إنذاراً استراتيجياً بأن الأمن القومي اللبناني أمسى مهدداً، إلى المبادرة بالأعمال العسكرية المساندة لقطاع غزة والمانعة لأي توجه إسرائيلي عدواني ضد لبنان يريد من خلاله تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، وعليه فإن يوم الثامن أكتوبر كان يوماً مفصلياً استطاعت من خلاله المقاومة اللبنانية البدء بمسار الدفاع عن الأمن القومي اللبناني، وفي نفس الوقت إسناد قطاع غزة بالشكل الذي يشتت قوة الاحتلال ويمنعه عن توحيد قواه وتركيزها نحو القطاع.
المواجهة الجارية: تأثيرها على الأمن الاستراتيجي
يحاول العدو الإسرائيلي من خلال الاشتباك القائم مع لبنان، إلحاق به أكبر قدر من الخسائر التي تمسّ بأمنه الاستراتيجي ويمكن تحديد عناصر الأمن الاستراتيجي التي يعمل الإسرائيلي على التأثير عليها:
– أمن الحدود: يراهن الإسرائيلي من خلال ضرباته والضغط على الدول الحليفة له، في تحقيق القرار الدولي 1701 الذي بموجبه يُبعد حزب الله إلى شمال الليطاني وبذلك يكسب الكيان الأمان الاستراتيجي على الحدود، ويُفقد لبنان العنصر القادر على تحقيق توازن الردع ومنع الاحتلال من استباحة السيادة اللبنانية.
– التهديد بتدمير لبنان وجعله كغزة.
– تدمير المناطق الدائرة ضمن قواعد الاشتباك بالشكل الذي يجعلها غير قابلة للحياة لسنوات.
– تهجير أكبر عدد من الناس.
– الأمن المعلوماتي: أظهرت الحرب القائمة عمق الاختراق المعلوماتي الإسرائيلي للبنان، ويعد هذا الاختراق عاملاً مساعداً بشكل كبير للكيان في تحقيق أهدافه، وتأثير هذا الاختراق يكمن في أن لبنان كمؤسسات رسمية عسكرية ومدنية وكمواطنين جميعهم مكشوفين أمام الإسرائيلي ما يجعلهم جميعاً تحت دائرة التجسس والاختراق وما لذلك من مخاطر كبيرة على الفئات المستهدفة.
هذه الخطوات يريد الإسرائيلي من خلالها دفع البيئة الحاضنة للمقاومة بالدرجة الأولى ومن خلفها باقي فئات الشعب اللبناني إلى رفض الحرب والمقاومة في الوقت الراهن، ودفع هذه البيئات خاصةً الأحزاب المناوئة للمقاومة إلى التصعيد معها في خطابها السياسي والشعبي بالشكل الذي يزيد من التوتر والضغط الداخلي ويلهي المقاومة عن أولوياتها الاستراتيجية.