كتبت صحيفة “الديار”: التقاطعات الوحيدة للاجتماعات واللقاءات الرئاسية تلاقت عند نقطة واحدة، استحالة لبننة الاستحقاق الرئاسي والوصول الى اسم مشترك دون تدخل خارجي، وتحديدا ايراني – سعودي – سوري بمشاركة مصرية – فرنسية، من دون «فيتو» اميركي – روسي. وهذا ما يؤكد ان انجاز الاستحقاق يحتاج الى تسوية شاملة غير متوافرة الآن.
وفي المعلومات المؤكدة ان الرياض وطهران لا يمكنهما الا مراعاة الهواجس والحساسية السورية من الملفات اللبنانية، في ظل التشابك بين الدولتين في كل المجالات، وحرصهما على عدم انتخاب رئيس معاد لها، او تجاهل موقفها من رفض اي اسم. وحسب معلومات، ان جميع المرشحين للرئاسة «الجديين والثانويين» تواصلوا مع المسؤولين السوريين في الفترة الاخيرة، محاولين طمأنتهم والتأكيد على افضل العلاقات، ومنهم من زارها سرا برفقة قيادات محسوبة على سوريا ولم تعد سرية.
وفي المعلومات ايضا، ان الاجتماعات الامنية السعودية – السورية ستستأنف قريبا بين مسؤول المخابرات السعودية اللواء خالد الحميداني واللواء حسام لوقا، لترجمة ما اتفق عليه الرئيس بشار الاسد وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في اجتماعهما خلال القمة، وبات معلوما لجميع القوى السياسية ان اللقاء تطرق الى الملف الرئاسي اللبناني، بالاضافة الى كيفية ترجمة القرار السعودي الحاسم بدعم دمشق في كل المجالات لاستعادة دورها. وقد بدأ المسؤولون السعوديون اتصالاتهم لتحسين العلاقات بين سوريا والغرب، وكذلك بين دمشق وواشنطن. لكن الثابت والمؤكد، ان هناك ملفات بين الدولتين تتقدم على الملف اللبناني، بالاضافة الى رغبتهما في اعطاء المزيد من الفرص للقوى الداخلية للتوافق على اسم الرئيس القادم.
ويسأل المطلعون على الملف الرئاسي، عن الاهداف من وراء خطف المواطن السعودي في هذا التوقيت، والايحاء ان عملية الخطف جاءت ردا على اعدام السطات السعودية والبحرينية ٤ شبان بالاضافة الى ملف الشبان اللبنانيين في الامارات. وهنا، لا بد من انتظار نتائج التحقيقات، وما اذا كان وراء العملية جهات خارجية تسعى لنسف اي تقارب بين الرياض وحزب الله، وبين السعودية وسوريا، من خلال عملية الخطف وبث الاخبار السريعة عن نقل المواطن السعودي الى الضاحية الجنوبية، وبعدها الى الحدود اللبنانية السورية، ومن ثم الى الداخل السوري، بالتزامن مع كشف السلطات اللبنانية عملية تهريب حبوب مخدرة الى دولة خليجية.
كل ذلك يؤشر الى ان ما حصل ليس بريئا في توقيته، بحسب مصادر متابعة، وهدفه ضرب الاجواء الايجابية التي عممتها التفاهمات الاخيرة، وابقاء لبنان في حالة الفراغ والتخبط، خصوصا على ابواب الصيف، ونسف اي امكانية لعودة المصطافين العرب. لكن ردود الفعل الشعبية المستنكرة من كل اللبنانيين لعملية الخطف، والتعاطف مع المواطن السعودي، والتحرك السريع لجميع الاجهزة اللبنانية والاحزاب، وصولا الى الاجهزة الامنية السورية على الحدود، فاجأ العديد من السفارات، وخلف ارتياحا شاملا لسرعة الانجاز، وتحديدا في السفارات السعودية والخليجية في لبنان ولدى كل المسؤولين السعوديين، مع التمني على السلطات الاماراتية العودة عن قرار عدم اعطاء اقامات للبنانيين. وهذا يفرض على كل القيادات اللبنانية، تجاوز خلافاتها والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية باسرع وقت للخروج من النفق الاقتصادي المظلم وتحصين الساحة الداخلية، لتجاوز العواصف الكبرى في اقل الخسائر.
وحسب المطلعين على الملف الرئاسي اللبناني، ان الدخان الابيض لن يتصاعد في حزيران كما سرب، والرئيس نبيه بري لن يدعو الى جلسة « كيفما كان»، والخارج ليس مستعجلا على فرض الحسم، لان امامه ملفات اكثر سخونة، فيما اللقاء ببن الرئيس الفرنسي ماكرون والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لم يرشح عنه شيئا، وكل طرف يسرب حسب اهوائه، ويضع النتائج في خانته.
واشنطن وفرض عقوبات
كان لافتا تصريح مساعدة وزير الخارجية الاميركي للشرق الادنى باربرا ليف، التي اشارت الى ان ادارة الرئيس بايدن تدرس امكانية فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون انتخاب رئيس للجمهورية، واكدت ان بلادها تتواصل مع حلفاء اقليميين واوروبيين لدفع البرلمان اللبناني للقيام بعمله وانتخاب رئيس للجمهورية.
“التيار الوطني الحر”
في ظل التطورات المتسارعة، والاجتماعات الداخلية في الشأن الرئاسي، فان كل الجهود حتى الآن هي «مجرد طبخة بحص».
وينقل مقربون من «التيار الوطني الحر» واصدقاء لجبران باسيل، انه لم يحسم خياره النهائي بالتوافق مع المعارضة في معركة رئاسة الجمهورية حتى الآن، رغم كل تصريحاته الاعلامية، ولم يعلن موقفا صريحا من دعم جهاد ازعور، ولا زال يناور مع ارسال الاشارات للداخل والخارج، ولم يقطع «شعرة معاوية» مع «الثنائي الشيعي» مطلقا، لكنه لن يصوت لسليمان فرنجية مهما كانت الاعتبارات، في ظل «كريزما» مفقودة بين الرجلين. ويقول المقربون ان «سعاة الخير»، وتحديدا علاء الخواجة ورجال اعمال مسيحيين، لم ينجحوا من تأمين لقاء جديد بينهما وكسر حدة الخلاف الشخصي، فيما التوافق مع المعارضة محكوم بجدار سميك من عدم الثقة مع «القوات اللبنانية». اما النقاش مع «الكتائب» يتجه لتبني اسمين، وهذا ما يعارضه سمير جعجع المتمسك بخوض معركة ضد «الثنائي الشيعي»، وكسرهما مهما كانت العواقب. والسؤال المطروح: هل يستطيع باسيل تحمل نتائج هذا النهج ومغادرة تحالفه مع حزب الله والانتحار سياسيا؟
وينقل المقربون من «الوطني الحر» ان رغبة باسيل في التقارب مع المعارضة وتأييد ازعور، تصطدم باعتراضات رموز من نواب التيار وكوادره، الذين ابلغوه عدم الالتزام بموقفه. وتشهد اللقاءات الثنائية بين باسيل والمعترضين نقاشات ساخنة، وقد سأل العديد منهم رئيس التيار لماذا لا يكون المرشح من التكتل؟ وفي المعلومات، ان النقاشات تطرقت الى ضرورة تبني اسم توافقي خارج المتداول، فيما استعاد المعترضون على دور ازعور في رسم السياسات المالية لحكومات سعد الحريري وفؤاد السنيورة، وتبني سياسات البنك الدولي في تدمير المالية العامة، وما آلت اليه اوضاع البلد، وطالته حينها انتقادات الرئيس ميشال عون.
كما سأل المعترضون: كيف يمكن للتيار الذي يخوض حربه ضد سليمان فرنجية تحت عناوين الفساد ان يعطي اصواته لجهاد ازعور؟
وتسأل مصادر سياسية هل يعلن باسيل تأييده لجهاد ازعور في العلن، ويترك من تحت الطاولة حرية التصويت لنوابه لضمان العلاقة مع حزب الله؟ خصوصا ان كل التسريبات والمعطيات تؤكد ان ٨ نواب من «الوطني الحر» سيصوتون لفرنجية اذا اختار باسيل الوقوف الى جانب ازعور. وقد ظهرت اعتراضات النواب آلان عون وسيمون ابي رميا وابراهيم كنعان والياس بو صعب واضحة وعلنية.
جنبلاط يتفرج
لا تباين بين مواقف رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ونجله تيمور، حسب المطلعين المقربين على موقف «التقدمي»، فجنبلاط الاب والابن ينتظران كلمة السر السعودية، ولن يخرجا من عباءتها مهما كانت الاعتبارات، ولذلك ينتظر جنبلاط على «التلة « حاليا، متفرجا على المسرح السياسي ومنتظرا، ولا يريد ان يبيع موقفه لاي طرف لبناني مع مراعاة نبيه بري فقط، فيما باسيل وجعجع يعيشان هاجس صفقات رئيس «الاشتراكي» مع رئيس المجلس من تحت الطاولة، وعدم السير في خياراتهما الرئاسية.
وحتى الآن، فان جنبلاط لم يعلن موقفا حاسما، لكنه يعارض جهاد ازعور ويتمسك بشبلي الملاط ،الذي يعارضه جعجع وباسيل، فيما سامي الجميل ميال الى مسايرة جنبلاط، واذا ذهبت الامور الى المنازلة الكبرى في المجلس بين فرنجية وجهاد ازعور، عندها قد يختار «الاشتراكي» الحياد الايجابي والتصويت بالورقة البيضاء، ولا يريد ان يتحمل مسؤولية هزيمة احد الطرفين على يديه، وتوريث نجله اعباء كبيرة في مواجهة «الثنائي الشيعي» او المسيحي، ولذلك فان الموقف النهائي لجنبلاط لن يصدر الا قبل ساعات من جلسة الانتخاب، حيث تكون المواقف الخارجية قد تبلورت.
“القوات اللبنانية”
اما «القوات اللبنانية» فعلى موقفها من الحسم السريع للانتخابات، وخوض مواجهة دون محرمات ضد «الثنائي الشيعي» وتحديدا حزب الله. وفي هذا الاطار قدمت «القوات» التنازلات لـ «التيار الوطني الحر» من اجل جره الى ساحتها، ومصرة على خوض المواجهة بمرشح واحد هو جهاد ازعور، وتعارض كليا طرح التيار و»الكتائب» تبني اسمين، لان من شأن ذلك اضعاف المعركة مع الثنائي، لكن فقدان الثقة بين «القوات» و»الوطني الحر»، وتحديدا بين باسيل وجعجع، يفخخ المفاوضات بين الطرفين، ويمنع اعلان التوافق النهائي. هذا التشكيك بمواقف التيار تحدث عنه جعجع، لكن ذلك لا يسقط الرغبة المشتركة في خوض المعركة الرئاسية سويا.
“الثنائي الشيعي”
اما «الثنائي الشيعي» فهو مع سليمان فرنجية «مهزوما ام منتصرا» ولن يغير ولن يبدل، ومقتنع بمواصفاته، واستطاع بري في حركته البعيدة عن الاضواء اقناع نواب «تغيريين» ومستقلين بدعم فرنجية. كما ان «الثنائي الشيعي» يملك «الثلث المعطل» وقادر على التحكم في النصاب ومصير الجلسة.
وفي حال حسم جبران باسيل خياره لصالح ترشيح ازعور، فانه يكون قد اراح حزب الله من اي التزامات تجاهه، حيث يعتقد بعض الاطراف السياسية في ٨ آ ذار ان باسيل من خلال توافقه مع المعارضة يريد ارضاء جهات دولية لرفع العقوبات عنه، وهذا لن يحصل مطلقا، وبالتالي فان باسيل سيخسر الحلفاء، ولن يربح «القوات» و«الكتائب» نتيجة تشكيكهم في مواقفه.
نواب “التغيير”
اما نواب «التغيير» الذين يعقدون اجتماعا عبر «الزوم» مع جهاد ازعور عصر اليوم بناء على طلبه، فانهم لم يتوصلوا الى توافق في ظل معارضة النواب ابراهيم منيمنة وفراس حمدان وحليمة قعقور، ترشيح جهاد ازعور نتيجة عدم التواصل معهم، وانه يمثل المرحلة الماضية، وكان وزيرا للمالية بين عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٨، ومسؤولا عن السياسات المالية التي دمرت البلد. وكان من المتوقع ان يعقد نواب «التغيير» اجتماعا امس بحضور نواب من التيار لكن الاجتماع لم يحصل، كما ان معظم نواب «التغيير» يميلون الى الورقة البيضاء، والنسبة القليلة منهم اعطت وعدا لبري بالتصويت لفرنجية.
ولادة “التوافق الوطني”
اما نواب «التغيير» الذين يعقدون اجتماعا عبر «الزوم» مع جهاد ازعور عصر اليوم بناء على طلبه، فانهم لم يتوصلوا الى توافق في ظل معارضة النواب ابراهيم منيمنة وفراس حمدان وحليمة قعقور، ترشيح جهاد ازعور نتيجة عدم التواصل معهم، وانه يمثل المرحلة الماضية، وكان وزيرا للمالية بين عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٨، ومسؤولا عن السياسات المالية التي دمرت البلد. وكان من المتوقع ان يعقد نواب «التغيير» اجتماعا امس بحضور نواب من التيار لكن الاجتماع لم يحصل، كما ان معظم نواب «التغيير» يميلون الى الورقة البيضاء، والنسبة القليلة منهم اعطت وعدا لبري بالتصويت لفرنجية.
رياض سلامة
لكن البلد قد يواجه مشكلة كبرى اوائل شهر تموز مع احالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى التقاعد، والمخرج القانوني يتمثل بتسلم نائب الحاكم الاول وسيم منصوري مهامه، وهذا ما يرفضه بري. وفيما اعلن الرئيس ميشال عون موافقته على تعيين حاكم قضائي لادارة مصرف لبنان وتكليف الحاكم الرابع الارمني بمهام الحاكم، لكن هذا الطرح رفضه وزير الداخلية بسام المولوي، ولا حلول حتى الآن. فيما الولايات المتحدة تصر على تعيين حاكم جديد وتتابع هذا الملف وتعطيه الاولوية على الملف الرئاسي.
وامس، استمع المحامي العام الاستئنافي القاضي عماد قبلان الى افادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بمضمون مذكرة التوقيف الالمانية التي تتهمه بالتزوير وتبييض الاموال، وفي نهاية الجلسة قرر القاضي قبلان ترك سلامة رهن التحقيق ومنعه من السفر، مع الابقاء على حجز جوازي سفره، كما طالب القاضي قبلان من القضاء الالماني تزويده بملف استرداد سلامة ليبنى على الشيء مقتضاه.
اضراب موظفي القطاع العام وسجالات حادة
هذا، واعلنت «رابطة موظفي القطاع العام» الاضراب حتى ٩ حزيران، بعد تنصل الحكومة من التزاماتها وما قررته للموظفين في جلساتها السابقة، وتبين انها دون اعتمادات. فيما شهدت جلسات اللجان النيابية سجالا حادا» ونابيا» بين النائبين ميشال معوض وعلي حسن خليل حول قانونية التشريع، في ظل الفراغ في سدة الرئاسة وعدم شرعية قرارات الحكومة.
وفي مجال آخر، اعلن موظفو شركة «اوجيرو» الاضراب يومي الثلاثاء والخميس في ٦و ٨ حزيران بسبب عدم حصولهم على حقوقهم، فيما حذر مدير عام «اوجيرو» عماد كريدية من توقف العمل في العديد من «السنترالات»، وغياب خدمة «الانترنت» في حال لم تفتح وزارة المالية الاعتمادات لشراء مادة المازوت