فتحَ الخطابُ الأخيرُ، للأمين العام “لحزب الله” السيد حسن نصرالله، في ذكرى مرور أسبوع على وفاة النائب السابق محمد ياغي (أبو سليم)، الباب أمام تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلّة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر و ١٣ نقطة عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، تحفّظ عليها لبنان عند الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، وترسيم ما سمّي “الخطّ الأزرق”، إضافة إلى نقطة ب١ (B1) عند الحدود البحرية للبنان في المياه الإقليميّة.
فعندَ تحرير لبنان كاملًا من الاحتلال الإسرائيلي بالمقاومة في ٢٥ أيار ٢٠٠٠، ظهر في لبنان من يُطالب “حزب الله” بتسليم سلاحه إلى الجيش اللّبناني، وأنّ مهمّته انتهت، وكان من أبرز المطالبين وأولهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، إذ طرح سؤالًا، هل سيبقى لبنان هانوي أم يصبح هونكونغ؟”.
هذا السّؤالُ، جاء بعد مطالبة البطريرك الماروني نصر الله صفير أيضًا بأن يكون السّلاح في يد الجيش فقط، ولا أن يبقى “حزب الله” مسلّحًا، لأنه بعد إنجاز التحرير، لم يعد من حاجة إليه، وقد جمع البطريرك صفير حوله عددًا من الأحزاب والشخصيات التي تناهض المقاومة، وكوّن منهم “لقاء قرنة شهوان” في العام ٢٠٠١، بعد أن أقام تحالفًا مع جنبلاط، وعقد معه مصالحة لأهالي الجبل في المختارة.
وكلّ هذا التّحرّك بتسليم “حزب الله” سلاحه، ترافق مع حملة سياسيّة وإعلاميّة، تُطالب أيضًا بانسحاب القوّات السّوريّة من لبنان، لأنّه لم يعد لوجودها ضرورة ولم تعد تملك الشّرعية وهي دخلت إلى لبنان كقوّات عسكريّة لوقف القتال بين اللبنانيين، الذين بعد اتفاق الطائف، انتهت الحرب الأهليّة وسلّمت الميليشيات سلاحها، باستثناء المقاومة، التي تمّ تشريعها.
وربطَ “حزب الله” وجودَ استمرار سلاحه، بأنّ للبنان أراضي محتلّة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي للغجر، بالإضافة إلى سبع قرى ضمّتها إسرائيل إلى كيانها الغاصب، وأنشأت عليها مستوطنات، بعد طرد أهلها منها، كما فعلت في مدن وبلدات فلسطينية في العام ١٩٤٨.
فوجودُ سلاح المقاومة، مرتبطٌ باستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية، والّتي لم تقم الأمم المتحدة بواجباتها في تنفيذ القرارات الدولية منذ العام ١٩٤٨، ثم القرار ٤٢٥ عام ١٩٧٨ وصولًا إلى القرار ١٧٠١، وذلك لأن العدو الإسرائيلي، لا يفهم إلّا لغة الحديد والنار، وهذا ما حصل في لبنان، الذي حرّر أرضه واستعادها بالمقاومة المسلحة وليس بالدبلوماسية، أو عبر القوات الدولية، التي كانت شاهدة على الاعتداءات الإسرائيلية، كما على بقاء الاحتلال، ولم تفعل شيئًا لمساعدة لبنان، وهذا ما حصل أيضًا منذ صدور القرار ١٧٠١ في ١٢ آب ٢٠٠٦، إثر الحرب الإسرائيلية على لبنان، في صيف ذلك العام، والذي صمدت المقاومة ٣٣ يومًا بوجه العدو الإسرائيلي، الّذي لم يحقّق أهدافه من الحرب، بل انهزم فيها، وشكّل لجنة “فينوغراد” للتحقيق بأسباب انهيار الجيش الذي لا يقهر.
فسلاحُ المقاومة له مهمّة، تحرير الأرض المحتلة، إضافة إلى ردع العدوّ الإسرائيلي، وجاءت مساندة المقاومة لغزة، عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، فتمثّلت من إشغال الجيش الإسرائيلي عن غزة، وفرار حوالي ١٠٠ ألف مستوطن من الشّمال، ثمّ تدمير كلّ المواقع العسكرية الإسرائيلية، وكان آخرها ثكنة الرّصد والإرشاد للطّيران الحربي، بعد أن تمّ تعطيل كلّ أجهزة المراقبة من رادارات وكاميرات إلخ… .
وتحدّثَ السّيد نصرالله، في خطابه الأخير عن الإنجازات العسكريّة التي حقّقتها المقاومة منذ ٨ تشرين الأول، واعتبرها عطاءات من الله، يمكن للبنان أن يفيد منها، في تحرير أرضه المحتلّة، بعد أن يتوقّف العدوان على غزة، حيث يمكن للحكومة اللبنانية، أن تتقدّم من الموفدين الدّوليين، كما من الذين يدعون إلى تطبيق القرار ١٧٠١، بأنّ لبنان هو في موقع القويّ، ليفرض الانسحاب من أراضيه المحتلّة، وكانت أولى عمليات المقاومة، بعد “طوفان الأقصى” في مزارع شبعا، كأرض محتلّة، لكن العدوّ الإسرائيلي هو الّذي وسّع الأعمال العسكرية فردّت عليه المقاومة.
فالمقاومةُ ترى أنّها فرصة للبنان ليُطالب بتحرير أرضه، فهل يفعل؟