نشرت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية، مقالاً للكاتب نداف شراغاي، تحدث فيه عن الخطة التي تحضّرها واشنطن وباريس لجبهة الشمال على الحدود مع لبنان، مؤكداً أنّ هذه الخطة بعيدة كل البعد عن الانتصار.
وجاء في المقال:
خلف الكواليس، وتحت غطاء شدة القتال في الجنوب، الولايات المتحدة وفرنسا “تحيكان” الآن مخططاً للشمال يمكن أن يكون أساساً للإخفاق والكارثة المقبلة. إنها خطة بعيدة كل البعد عن انتصار، أو حتى صورة انتصار، والأسوأ من ذلك، أنها لن تسمح حقاً بالعودة الآمنة لعشرات الآلاف من المخليين إلى بيوتهم.
صحيح أنّ عنوان الاتصالات الدولية الجارية حالياً هو تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1701 وإبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني – لكن هذا حد أدنى إشكالي، لأن المسافة بين “ركبة الليطاني” وإصبع الجليل تبلغ نحو 4 كيلومترات فقط، في حين أن مناطق أخرى من الليطاني أبعد عن الحدود.
حتى لو تساوقنا مع “مخطط الليطاني”، يتبين أن التصريحات في مكان والمفاوضات في مكان.
على الرغم من الحديث عن أن الليطاني سيصبح حاجزاً بين “إسرائيل” وحزب الله، فإنّ المفاوضات الحالية جارية حول إبعاد حزب الله عدة كيلومترات فقط من الحدود بين “إسرائيل” ولبنان، على بعد 5-7 كيلومترات على طولها بالكامل.
سيتمكن أسرى الحدود الشمالية البالغ عددهم 85 ألفاً، الذين أصبحوا لاجئين في “إسرائيل”، من العودة إلى بيوتهم عندما لا يرون حزب الله من خلال نوافذهم، لكن حزب الله، من على بعد بضعة كيلومترات فقط، سيراهم جيداً.
“إسرائيل”، التي دخلت المفاوضات بضغط أميركي، تلعب لعبة “يبدو لي” (على ما أعتقد). وفوق ذلك، ووفقاً لـ “الحل”، فإن الجهة العسكرية التي ستنتشر على طول الحدود ستكون الجيش اللبناني، أو “الجيش اللبناني أيضاً”، الذي الفرق بينه وبين حزب الله غير واضح، وأحياناً غير موجود أصلاً.
غالباً ما أضرّ بنا التعاون بين الاثنين في الماضي أكثر مما أفادنا، والأمر في الواقع هو نفس السيدة مع تغيير الفستان.
والأخطر من ذلك هو أنه ليس من الواضح ما إذا كانت البنية التحتية العسكرية التي راكمها حزب الله على حدودنا الشمالية على مر السنين سيتم تفكيكها. إنها حفر إطلاق ومغارات إطلاق نار ومخازن أسلحة، وهذا من دون أن نتحدث بعد عن القذائف الصاروخية الـ 150 ألفاً والأسلحة الدقيقة والمتطورة لدى الحزب.
جوهر الخدعة صاغه مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية في نقاش في الكنيست على النحو التالي: نحن نُبعد حزب الله من مدى رؤية سكان الشمال، الذين لن يروا فوهات بنادق من النافذة، لكن ليس من مدى النيران.
هذه المقاربة تذكرنا بلعبة أخرى، “يبدو لي”، الجارية في هذه الأيام مع الأميركيين، والتي تنجر إليها “إسرائيل” أيضاً. ويتجلى الأمر في كلام رئيس هيئة الأمن القومي، تساحي هانغبي، ومفاده بأنّ السلطة الفلسطينية، بعد إجراء إصلاح جوهري، ستتمكن من القيام بالدور الذي حدده لها المجتمع الدولي في غزة.
لكن هانغبي مخطئ. ليست السلطة الفلسطينية وأجهزتها هي التي تحتاج إلى الإصلاح، بل الجمهور الفلسطيني. سلطة فلسطينية قديمة أو مجددة لن تزيد ولن تُنقص.
أصل المشكلة هو السكان الفلسطينيين، الذين يكرهوننا، ويعبدون الشهداء، وملتزمون بحق العودة ونهاية الدولة اليهودية، ويطلقون الأهازيج تجاه المذبحة ومستعدون لتسليم بنادقهم لحماس. هذا ما يقولونه هم. كل ما ينبغي فعله هو الاستماع والتصرف وفقاً لذلك.
قد تكون قصة لبنان مماثلة، لأن “إسرائيل” تحكي لنفسها مرة أخرى قصصاً وهي مستعدة للاعتماد على أجانب بدلاً من نفسها.
وهذا على الرغم من حقيقة أن تجربتها مع القوات الأجنبية على طول الحدود الشمالية سيئة.
المشكلة على طول الحدود اللبنانية هي مشكلة أمنية واسرائيلية وإنسانية، ويجب أن نبدأ الحديث عنها بشفافية.
وعلى الأقل وفقاً لمضمون المفاوضات الآن، فإنّ الترتيب الذي تجري صياغته بعيد كل البعد عن الخطوط العريضة، ولا يفي بالحد الأدنى المطلوب.
خطة “الليطاني كمنطقة عازلة” بعيدة عن الكمال، لكن المفاوضات تتحدث عن أقل من ذلك بكثير، الأمر الذي لن يسمح لسكان الشمال الذين تم إجلاؤهم بالعودة إلى منازلهم.