كتبت صحيفة “النهار”: التهبت الجبهة الجنوبية امس على امتداد الخط الأزرق بما ينذر بازدياد الاقتراب من محاذير واحتمالات الانزلاق الى مواجهة واسعة وشاملة لا يملك أي طرف خارجي او داخلي الضمانات الحاسمة لتجنيب لبنان السقوط فيها. ولم تكن عاصفة ردود الفعل الرافضة والمنددة بإعلان “حركة حماس – لبنان”، لـ”طلائع طوفان الأقصى” سوى انعكاس مثبت وواضح الى الأكثرية اللبنانية التي ترفض الانزلاق الى حرب علما ان هذا الاستفتاء البارز جاء ليسقط تماما، ومن اول الطريق، هذه المحاولة الاستفزازية وكانت السمة البارزة في الردود انها تضمنت مواقف من مختلف الاتجاهات السياسية والطائفية. كما ان الابرز رسميا وحكوميا جاء على لسان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، اذ قال عن اعلان “حماس” اطلاق “الطلائع”: هذا الامر مرفوض نهائيا ولن نقبل به، علما ان المعنيين عادوا واوضحوا ان المقصود ليس عملا عسكريا”.
كما ان علائم زيادة اخطار الحرب عكستها معلومات لمراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين اشارت فيها الى ان الزيارات الفرنسية الأخيرة المتعاقبة للبنان من وزير الدفاع سيباستيان لو كورنو الى المبعوث الرئاسي جان ايف لودريان الى رئيس الاستخبارات الفرنسي السفير برنار ايميه تندرج في اطار رسالة ملحة وضرورية للجانب اللبناني هي التحذير من خطر كبير لتصعيد الحرب الإسرائيلية على لبنان وانزلاق الوضع القائم في الجنوب الى تصعيد يشكل كارثة على لبنان لان الوضع في إسرائيل وفي الجنوب اللبناني ليس مثلما كان عليه في ٢٠٠٦ ولا في ٢٠١٤.
وأفادت ان تركيز الموفدين الفرنسيين الرسميين الثلاثة الى لبنان كان على ضرورة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون ليس لان فرنسا مرتبطة بشخصه وليس لان باريس تريد جوزف عون لانه يحمي أوروبا من اللاجئين السوريين بل لان باريس تعول على التمديد له بسبب خطر الحرب في الجنوب والقلق من الهجوم على لبنان من دون ان يكون فيه قائد جيش ومن دون رئيس للجمهورية .
وتطرق الرئيس ميقاتي خلال استقباله امس اعضاء السلك القنصلي الى هذا الخطر وقال “نحن في عين العاصفة وفي وضع لا نحسد عليه، وهناك اضطراب قوي في المنطقة ككل، خصوصا على صعيد ما يحدث في غزة، وعلى الحدود الجنوبية مع العدو الاسرائيلي. كل همّي في هذه المرحلة أن أجنّب لبنان ، قدر المستطاع،الدخول في آتون الحرب”. ولفت في كلام ميقاتي إشارته الى انه “خلال الاشهر المقبلة، ستجري مفاوضات عبر الامم المتحدة من اجل المزيد من الاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بدءا باستكمال تنفيذ القرار 1701 وصولا الى الاتفاق، عبر الامم المتحدة، على النقاط الخلافية الحدودية مع العدو الاسرائيلي.
هذا الموضوع يأخذ حيزا اساسيا بهدف تجنيب لبنان اي حرب لا نعلم الى اين ستوصل، خصوصا وأن العدوان على جنوب لبنان تسبب بخسائر بشرية ومادية كبيرة.
نأمل ان نصل في الاشهر الثلاثة المقبلة الى مرحلة استقرار كامل على حدودنا.
ومن خلال اتصالاتي مع المعنيين في هذا الموضوع، من الجانب الاميركي او الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي، هناك هدف اساسي هو تجنيب لبنان اي حرب كبيرة قد تحصل”.
ملف التمديد
ونقل وفد السلك القنصلي عن الرئيس ميقاتي رفضه تعيين قائد جديد للجيش وقوله “ان التعيين هو الاجراء الاسهل بالنسبة اليه، إلا انه ليس في وارد تحدي اي مكون لبناني وهو يحاول تمرير هذه المرحلة بما يحفظ استقرار البلد والمؤسسات”.
وقال “ان هذا الموضوع يعالج بهدوء وبعيداً عن الجدل”. وقد عرض ملف التمديد وملابساته مطولا في لقاء الرئيسين نبيه بري وميقاتي امس في عين التينة لكن علم ان جلسة لمجلس الوزراء التي ستعقد غدا الخميس لن تتطرق الى موضوع التمديد.
وكشف مرجع سياسي مطلع لـ”النهار” ان التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون اصبح محسوماً وقد تبلّغ ذلك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عبر وفود زارته اخيراً من رئيس المجلس نبيه بري كما من “حزب الله” .
وبحسب المرجع فان الرئيس بري طمأن البطريرك الراعي انه سيعقد جلسة تشريعية قبل منتصف هذا الشهر وسيكون تأجيل التسريح لقائد الجيش احد اقتراحات القوانين المطروحة في الجلسة لاسيما بعدما أكدت كتل نيابية مسيحية أساسية مشاركتها فيها من أجل هذه الغاية.
وقال المرجع السياسي ان ثمة اتفاقاً ضمنياً بين رئيسي المجلس وحكومة تصريف الأعمال على تمرير التمديد إن لم يكن في مجلس النواب ففي جلسة لمجلس الوزراء . والرئيس ميقاتي بدوره ليس في وارد معارضة رغبة بكركي في التمديد لقائد الجيش، وهو سيقدم وقبل انتهاء ولاية قائد الجيش على طرح التمديد في جلسة لمجلس الوزراء إذا لم يشرّع هذا التمديد في مجلس النواب.
ويقول المرجع المطلع على حركة الاتصالات الداخلية كما تلك الديبلوماسية التي قادتها الدول الخمس المهتمة بالملف اللبناني، ان “حزب الله” وان لم يقل كلمته بعد ويتركها للحظات الأخيرة ، إلا انه لن يقف في وجه إرادة الأغلبية المسيحية في موضوع قيادة المؤسسة العسكرية ولن يسهم في شغور مركز مسيحي كقيادة الجيش بعد شغور المركز المسيحي الاول برئاسة الجمهورية ومن ثم حاكمية مصرف لبنان ،وموقفه هذا قد يترجم إما بتأمين النصاب المطلوب في مجلس الوزراء او في الجلسة التشريعية لمجلس النواب، في ترجمة للتقارب القائم مع بكركي في المرحلة الاخيرة.
ويشير المرجع إلى ان البطريرك الراعي لن يتساهل هذه المرة في ترك الشغور يصل إلى قيادة الجيش ، وهو سيبقى يرفع الصوت إلى حين التمديد للعماد جوزف عون ، مؤمناً الغطاء المسيحي لهذه الخطوة سواء في مجلس النواب او في مجلس الوزراء .
وبحسب المرجع، فان التمديد حاصل وما زال هناك متسع من الوقت لتحقيقه، وثمة سيناريوان معدّان لذلك، فإذا لم تنجح الخطة ألف ، هناك خطة باء، والأمور مرهونة بخواتيمها.
اعتداء على الجيش
وسط هذه المناخات دفع الجيش اللبناني مرة جديدة ضريبة الدم اذ تعرض مركز عسكري للجيش في منطقة النبي عويضة – العديسة لقصف اسرائيلي ما أدى إلى استشهاد عسكري وإصابة ٣ آخرين وفق ما اعلنت قيادة الجيش .
واستشهد في الاعتداء العريف عبد الكريم مقداد وجرح الرقيب يوسف إبراهيم والجندي الأول احمد البظر والعريف محمد موسى .
واشتد القصف الاسرائيلي على امتداد قرى وبلدات الخط الحدودي واستهدف منزلا في بلدة ميس الجبل ما أدى الى اندلاع النيران فيه ووقوع إصابة طفيفة . كما تجدد القصف المدفعي العنيف على اطراف رامية واطراف مركبا .
ومساء اعلن “حزب الله” انه قصف مستوطنة المنارة ردا على استهداف موقع الجيش اللبناني في تلة العويضة واستشهاد العريف مقداد .
في المقابل، شنت مسيرة اسرائيلية غارة على بلدة عيتا الشعب.
كما تعرضت اطراف بلدة طيرحرفا والجوار والاطراف الغربية لبلدة ميس الجبل لقصف مدفعي.
ومساء أعلنت “قوات الفجر” ( الجناح العسكري للجماعة الإسلامية ) انها ردت على اعتداء إسرائيل على موقع للجيش اللبناني بتوجيه رشقتين صاروخيتين الى مواقع إسرائيلية في محيط كريات شمونه