أخبار لبنان

فليكن ذكرك مؤبداً … القاع تودع فقيدها !

ودعت بلدة القاع والأمن العام رئيس مركز أمن العام القاع الحدودي الرائد روجيه جريج، الذي قضى في حادث سير مروع على الطريق الدولية في سهل القاع، وهو عائد من عمله. وأقيمت مراسم دفنه في كنيسة مار الياس في مسقط رأسه، في القاع، وترأس الصلاة الجنائزية المدبر البطريركي لأبرشية بعلبك الهرمل للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر، عاونه لفيف من الكهنة.

وحضر الجنازة ممثل رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل النائب الدكتور سامر التوم، النائب شربل مارون، ممثل قائد الجيش العماد جوزاف عون العقيد عباس ياغي، ممثل المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري العميد بشارة بو حمد، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الملازم أول الياس نصر، ممثل إدارة الجمارك جوزيف القزح، رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر وأهل الفقيد ورفاقه.

وأدخل الجثمان إلى الكنيسة محمولا على أكتاف رفاق السلاح وملفوفا بالعلم اللبناني.

ضاهر

بعد تلاوة الإنجيل، ألقى المطران ضاهر كلمة قال فيها: “كل مرة، نقف أمام موت الشباب، أيا كانت أسباب هذا الموت، تأخذ فكرنا الحيرة، ويمسك قلبنا الانقباض، وتملأ نفسنا الحسرة والوجوم، ذاك أن الشباب هو وجه الحياة المشرق وقلبها النابض، هو الأمل والإقدام، هو الحلم والطموح، الشباب هو الحياة في أوج عطائها. لذلك، إن موت الشباب هو طعن الحياة في صميمها”.

أضاف: “من هنا، إن طبيعتنا البشرية ترفض فكرة موت الشباب، وتعبر عن الرفض بتحويل مأتم الشباب إلى عرس، بحلال الزغاريد مكان الندب، وزينة الفرح مكان سواد الحزن”.

وتابع: “هذا ما يجمعنا اليوم، بمشاركة الحشد الكبير، في هذا المأتم العرس حول عائلة الفقيد الغالي الرائد روجيه. في وقفتنا اليوم أمام جثمانك، نودعك الوداع الأخير، فالصمت في وداعك يا روجيه أولى وأبلغ، ولا لغة تعبر في مصاب موتك الجلل، غير لغة العين التي تسكب دموعا سخية ممزوجة بالمرارة، وغير لغة القلب الذي ينزف دم الأسى ممزوجا بحرقة الحسرة”.

وأردف: “عميقة هي جراحكم يا أبناء الفقيد ويا ذويه وأهله. ما جئت لأبكي وأنوح وأرثي، بل جئت لأصلي وأعزي، فأدعوكم لتصلوا معي لراحة نفس فقيدنا الغالي روجيه”.

واستشهد ضاهر بكلام الرسول بولس فقال: “لا تحزنوا كباقي الناس الذين لا رجاء لهم، فنحن نعلم من إيماننا أن ظلمة القبر يعقبها نور القيامة، بهذا الرجاء نعزي بعضنا، ونصلي بعضنا لأجل بعض”.

وعزى باسمه وباسم رئيس عام الرهبانية الشويرية برنارد توما أهله وعائلته.

بو حمد

وألقى العميد بشارة بو حمد كلمة رثاء باسم المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، في الرائد روجيه جريج، وقال: “ترجلت وأنت في الشوط الأول من الحياة فارسا زاده الإقدام، تقتحم الصعاب بإرادة قدت من صخور جبالنا الشماء، تؤدي الواجب بروح الرسالة لا روحية الموظف، لأنك نذرت العمر للوطن جنديا في ساحاته، ناسكا في صومعته، متفانيا في خدمته، شامخا كذرى صنين، راسخا كأرزاتنا العتاق التي تكلل أخضرها الذي لا يشيب هامة الثلوج. وكان لبنان في ناظريك سدرة المنتهى، والفردوس الأبدي، رغم ما حل به من نكبات وويلات “.

أضاف: “ما أقول فيك، وقد بكرت الرحيل، يا رائد المروءة، مخلفا الحسرة لعائلتك الصغرى التي تبكيك وتبكيك، وقد فقدت السند والعضد، ولبلدتك القاع التي زهت بك رجلا تميز بالشجاعة والنزاهة والخلق السوي، وأنت القيم على مركز الأمن العام فيها، لكن خسارة سلكنا فيك لا تعوض، وأنت نعم الضابط، المنضبط، الوفي للعلم والقسم، العاشق للخدمة، والمتفاني إلى حدود التضحية القصوى أمينا على ما ائتمنت عليه، وقد عرفك رفاقك، رؤساؤك ومرؤوسوك، مجاهدا ومجتهدا، مندفعا وشجاعا لا تقيم وزنا للمخاطر والمجازفات اذا كان الدفاع عن أمن لبنان واستقراره هو الغاية، وهل من غاية أسمى من الاندفاع لخدمة الوطن مهما غلت الأثمان”.

وتابع: “نبكيك مع بناتك الثلاث، مع وحيدك، مع الزوجة والوالدين الذين يودعونك معنا. نحن الذين فجعنا بغيابك الصادم، وأنت في ريعان العمر، وذروة العطاء. نبكيك بدمعٍ لا يجف، ممزوجٍ بالحسرة والتأوه، والآخ، لأنك من الرجال الرجال الذين يفتقد إليهم. كما يفتقد البدر في الليلة الظلماء”.

وأردف: “في يوم وداعك، أحمل إليك حزن المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري الذي يشاطر العائلة، عائلتك، مشاعر الأسى للفجيعة التي ألمت بها. كما أحمل إليك لوعة الرفاق الذين هزهم غيابك غير المتوقع، فهم على اختلاف رتبهم يرسلون دمعة غالية دليل محبتهم لقامة كانت واعدة، أخلصت للأمن العام، وبذلت في سبيله سخاء ما بعده سخاء، لأنها كانت مؤمنة بمؤسسة الأمن العام ودورها في حماية لبنان ومنعه من الانهيار، رغم العواصف العاتية التي تضرب أركانه، من دون أن تفلح في إسقاطه”.

وختم: “نم قرير العين، رعاك الله، وامض إلى الرفيق الأعلى بما تحمل من وزنات تسجل لك وقت الحساب، وهي ستكون طريقك إلى الخلود، فليكن ذكرك مؤبدا”.

من ثم نقل النعم إلى مثواه الأخير حيث قدم له ثلة من رفاقه السلاح وعزف نشيد الموت ووري في الثرى بمدافن العائلة .

المصدر الوكالة الوطنية للإعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى