بحلول 27 من اكتوبر اي بعد 20 يوما من انطلاق “طوفان الاقصى” انتقلت اسرائيل الى ما أسمته بالتوغلات البرية في حربها ضد قطاع غزة المحاصر، وقد أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو امس، دخول الحرب مرحلتها الثالثة وتوسيع العمليات البرية، والتحول من عمليات الاختراق والتراجع التي كانت تقوم بها خلال الأيام الماضية، إلى عمليات “النار والمناورة” وهو المصطلح الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي على المرحلة الجديدة من عمليته البرية، ومما لا شك فيه ان مشكلة اسرائيل اليوم تكمن في قوتها المفرطة وامتلاكها آلة تدمير نوعية وهائلة ما يجعلها غير متناسبة مع قدرة حماس البدائية ومحط انتقادات انسانية عالمية مع ايغالها بالهجوم على قطاع غزة المكتظ والمأهول سكانيا.
تجنّب الكابينت الاسرائيلي الذي وضع في “حالة الحرب” اطلاق تسمية الحرب البرية واختار عوضا عنها تسمية التوغلات البرية كون هذه التسمية تحفظ للجيش الاسرائيلي “ماء الوجه” في حال فشله بتقدمه البري وهي تعكس حال الحذر واندفاعه المدروس من خلال تقدم بطيء وليس اجتياحا بالمعنى الواسع وهو يؤمن له شطر غزة بين شمالي واخر جنوبي لتسهيل السيطرة على الارض، من خلال احتلال شمال القطاع الذي تحول بالفعل الى منطقة شبه مدمرة والدفع بسكانه او تهجيرهم الى جهته الجنوبية ومن ثم نقلهم الى سيناء، وهو ما تسعى اليه اسرائيل بالفعل وصرحت عنه بأنها تسعى الى تقليل مساحة القطاع ومن ثم قضم شطره الشرقي وضمه اليها، وهو مكسب تسعى الى تحصيله لرد اعتبار هيبتها الامنية.
أما في جنوب لبنان فإن الوضع مختلف عما هو في غزة والمناوشات العسكرية تتمدد لتطال اجزاء من القرى الحدودية حسبما يرى خبراء عسكريون، وتجاوزت في بعض منه قواعد الاشتباك المعمول بها ولا استبعاد من خطة اسرائيلية تقضي بتهجير ممنهج لسكان الجنوب مع استمرار الضربات الصاروخية وتوسعها تمهيدا لعملية عسكرية تقضي بضم نقاط حدودية جديدة، وفرض واقع ردعي جديد.
ولعل الهدف الاول الذي اعلنته اسرائيل في حربها على غزة هو اطلاق سراح الاسرى وهو ان كان قابلا للتحقيق فإن هدفها الثاني المتمثل بسحق حماس وابادتها يعتبر غير واقعي، ذلك ان حماس ليست جيشا تقليديا بل هي قوة عسكرية تتحرك في الظل ولا تحتاج الى الارض بالمفهوم العسكري، وهو ما يفسر اصرار اسرائيل على خطة التهجير او “الترانسفير” التي تضعها في أولويتها وتصر عليها رغم انها تجابه برفض وتشدد مصري كبير.