كتبت “الاخبار” تقول: «التضامُن مع لبنان وحثّ كافة الجهات اللبنانية للتحاور لانتخاب رئيس للجمهورية يُرضي طموحات اللبنانيين وانتظام عمل المؤسسات الدستورية وإقرار الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته، كما التأكيد على تعزيز الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين».
كلمات مقتضبة للبنان في البيان الختامي لإعلان جدة، أُريد منها التعبير عن موقف مُحايد رافض لسياسة المحاور، وغسل الأيدي من أي طرف متمرّد على سرب «التهدئة» الإقليمية التي لا يُراد للبنان أن يكون خارجه.
لكن القصة ليست هنا.
خاصة بالنسبة إلى الذين كانت تعنّ لهم فكرة أن يتعامل العرب مع لبنان «كاستثناء» شاذ عن موجة المنطقة التي لا تلائم مناعتهم السياسية، وكانوا لا يزالوا يراهنون على «قشّة» عربية تحميهم من الغرق.
بل في القرارات التي أقرها وزراء الخارجية خلال الاجتماع التحضيري للقمة، وضمت بنداً ليس جديداً، إنما تم تثبيته بعدما عدله لبنان في قمة الجزائر السابقة.
وهو يشدد على «أهمية وضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، التي هي حق أقرته المواثيق الدولية ومبادئ القانون الدولي» و «التأكيد على حق اللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وحقهم في مقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة».
إعلان جدة «المحايد» إزاء الأزمة السياسية، والتبني المستمر للبند الخاص بالمقاومة، يؤكد التسليم بنتائج سياسية وعسكرية وأمنية دفعت إلى الاعتراف بالمقاومة وحدود ما تمتلكه من قوة وانتصار محورها واستحالة طمس هذه الحقيقة أو تجاوزها، فضلاً عن أنها رسالة إيجابية جديدة من بين مجموعة رسائل أعقبت الاتفاق الإيراني – السعودي وما نتج منه من تطورات في المنطقة، تُوّجت أمس في عودة سوريا إلى الجامعة العربية بشخص رئيسها بشار الأسد. ما حصل، لا يعني سوى تكريس لهزيمة فريق ما يُسمى 14 آذار وكل ملحقاته من الذين عملوا طيلة السنوات الماضية على شيطنة المقاومة ووسمها بالإرهاب، مراهنين على ضرب سوريا لإضعاف حلفائها في الداخل، وعلى رأسهم حزب الله.
وبينما لم يرد لبنان في غالبية الكلمات التي أطلقها الرؤساء العرب في اجتماع القمة العربية، حضر فقط في كلمة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي أكد الاستمرار في تعزيز العلاقات معه، والاستمرار بتقديم المساعدات له.
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي غطى الفراغ الرئاسي، فقد استغل الحضور في القمة «لاستجداء» المساعدة، قائلاً إن «معاناة لبنان وشعبه ازدادت تعقيداً بشغور سدة رئاسة الجمهورية وتعذر انتخاب رئيس جديد، إضافة إلى أن لبنان لم يتوان يوماً عن فتح أبوابه أمام النازحين السوريين، وتزايد أعدادهم بشكل كبير جداً، يجعل من أزمة النزوح أكبر من طاقة لبنان على التحمّل، من حيث بناه التحتية، والتأثيرات الاجتماعية والارتدادات السياسية في الداخل، ومن حيث الحق الطبيعي لهؤلاء النازحين بالعودة إلى مدنِهم وقراهم».
وتوجه ميقاتي بالكلام إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: «من استطاع نقل المملكة العربية السعودية وشبابها إلى المواقع القيادية والريادية التي وصلوا إليها وتحويل المملكة إلى بلد منتج بكل ما للكلمة من معنى، في فترة قصيرة، ليس صعباً عليه أن يكون العضد لأشقائه في لبنان.
من هنا، فإننا نتطلع إلى رعاية المملكة ولفتتها الأخوية تجاه بلدي لبنان ليتمكن من النهوض من جديد».
وقال أعضاء من وفود عربية لإعلاميين في جدة، إن كلمة ميقاتي لا تخرج عن السياق العام الذي يتحدث فيه المسؤولون من لبنان، ولكن لن تكون هناك آذان صاغية له، نظراً لأن غالبية المشاركين في القمة لديهم ملاحظاتهم السلبية على أداء كبار المسؤولين.
ونقل إعلامي عربي عن مسؤول سعودي قوله: «لماذا يطلب المسؤولون من لبنان الدعم المالي، بينما لا ينفقون هم من جيوبهم قرشاً، علماً أنهم أغنياء كبار وحصلوا على أموالهم من مشاريع استغلوها في لبنان».
من جهة أخرى، أكدت مصادر متابعة أنّ «الأجواء إيجابيّة لجهة إعادة فتح الأسواق الخليجيّة أمام المنتجات والصناعات اللبنانيّة.
وعلمت «الأخبار» أن وزير المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين التقى السفير السعودي في بيروت وليد البخاري لمفاتحته بالأمر، فكان الأخير إيجابياً واقترح تشكيل وفد متخصّص، وهو ما شجع الرئيس ميقاتي على تضمين الوفد الذي يرأسه إلى القمة العربية في جدة، وزيري الصناعة جورج بوشيكيان والزراعة عباس الحاج حسن.
وأشار الأخير في حديث مع «الأخبار» إلى أنه «لم يتم طرح هذا الموضوع بعد بشكل اختصاصي – تقني، ولكنني أنتظر أن تكون هناك اجتماعات مع الجانب السعودي، خصوصاً أن هذه القضية وُضعت على جدول أعمالنا»، مؤكداً أنه «ستكون هناك مساع ٍحثيثة لإعادة فتح الأسواق الخليجية».