مقالات
عن طفولته وعلاقته بعائلته وحضوره بين النَّاس.. كيف نعتْ عائلة الكحلوت ابنها أبو عبيدة؟

زفَّت عائلة الكحلوت المجاهد القائد حذيفة سمير عبد الله محمود ياسين الكحلوت “أبو عبيدة”، الذي قضى شهيداً في سبيل الله مع زوجته وابنتيه ونجله، في عملية اغتيال إسرائيلية جبانة.
وقالت العائلة في بيان نعي ابنها الناطق العسكري باسم كتائب القسام الشهيد أبو عبيدة “هذا ممات الرجال، وهذه خاتمة الأبطال، فقد سار ابننا الحبيب في طريق محفوف بالمخاطر، يدافع وينافح عن قضية شعبه المقدسة، ويصدح باسم مقاومة هذا الشعب العظيم، وقد تعرض بسبب ذلك لعدة محاولات اغتيال”.
وأضافت ” أكرمه الله فأكرمنا، فخُتم له بالشهادة، ونسأل الله تعالى الذي كتَب له القبول في الدنيا أن يتقبله عنده في أعلى منازل الجنة، في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يعظم له الدرجات بقدر ما لقي من المتاعب، وتعرض للمخاوف والمخاطر، وبقدر ما حرّض وبذل وألهبت كلماته المؤثرة قلوب الجماهير، وبقدر ما أحيا قضية شعبه في عقول وقلوب الناس على ظهر هذه المعمورة”.
وتابعت “رغم عظيم المصاب بفقد الأفذاذ المؤثرين، إلا أننا نجعله مع جموع المجاهدين الصادقين من شعبنا وأمتنا، فداء لله أولاً، ثم لديننا، ثم لمقدساتنا وأوطاننا، فهو واحد من هذا الشعب، لقي معهم المعاناة والمجاعة والتشريد مع عائلته”.
وشددت العائلة في بيانها على أن أبو عبيدة بقي ثابتاً لا ينحني عن مبادئه، صادحاً بكلمة الحق في العالمين، معذراً إلى الله عز وجل، مؤمّلا في أمته كل خير، إلى أن لقي الله تعالى شهيداً ليمتزج دمه الطاهر مع دماء عشرات الآلاف من أبناء شعبه العظيم، ولتعانق روحه أرواح المظلومين والمعذبين من الرجال والنساء والأطفال الذين تعرضوا للإبادة”.
وفي ذكر سيرة الشهيد أبو عبيدة، قالت العائلة “كان حذيفة ابنا باراً بوالديه، خافضاً جناح الذلّ لهماً، أخاً صَالحاً وَدُوداً وَصُولاً لرحمه، وزوجاً صالحاً مُحباً، ووالداً ربّى أولاده على موائد القرآن فكانوا حفظة لكتاب الله، فخلف لثام العزة الذي كان يظهر للعالم، كانت تتجلى أخلاق الإسلام العظيمة في شخصه ـ نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكيه على الله تعالى “.
وأكملت “حذيفة رحمه الله منذ صغره كان ذكيّاً ألمعياً، سريع البديهة، يقظ الروح، ذكيّ القلب، طيّبا مطياباً، يألف ويُؤلف، قليل الكلام، لكنه إذا تكلم أفصح، خَفيًّا لا تكاد تعرف كُنهَه ودواخله، لكنه إذا ظَهَرَ أبْهَر، حفظ القرآن منذ صغره وتشرب معانيه من والديه، وتربى على موائده مع إخوانه، وأما عن تحصيله العلمي فقد كان مُتفوقاً وسابقاً في كل مراحل دراسته إلى أن حصل على درجة الماجستير المشهورة، وقد التحق ببرنامج الدكتوراه لكنّ انشغالاته حالت دون إتمام رسالته”.
وأشارت العائلة إلى أن أبو عبيدة لطالما كانت تؤلمه جراحات المسلمين، فيرق قلبه وتبكي عيناه، وتغضبه مؤامرات أعداء الدين ويظهر ذلك في وجهه ومحيّاه، فيفصح عنها في مجالسه، وأشعاره، وكتاباته، لا تعنيه الشهرة، بل تهمّه الفكرة، وكان يصرّ ألا يعرفه أحد، ينأى عن كل مجلس يمكن أن يمدحه أحد فيه أو يعامله بموقعه أو مكانته”.
كان دائماً يردد مقولة: استعينوا بالله ثم بالمخلصين من عباد الله، فالله تعالى ينصر بهم ويفتح عليكم بإخلاصهم، وكان ينصح أن يكون لكل مؤمن خبيئة بينه وبين الله لا يطلع عليها أحد، وكان هو مثالاً للإخلاص والتفاني في عمله لا يبتغي به إلا وجه الله تعالى ـ نحسبه كذلك والله حسيبه ـ ولعلّ الأيام تكشف عن عظيم إنجازاته في جوانب مختلفة، ليس فحسب في الجانب الإعلامي والجهادي، وفقًا لبيان العائلة.
ونعت العائلة الشهيد أبو عبيدة بالقول “فقدنا رجلاً مؤثرا على مستوى بلده وأمته، بل والعالم أجمع، لكن! قد انقضى أجله، والتحق إلى جوار رب غفور رحيم”.
ودعت العائلة جماهير الأمة التي أحبت أبو عبيدة ولهجت باسمه أن تفخر باسمه على الدوام، وأن تتمرس خلف المبادئ والثوابت التي كان يصدح بها، وأن تقتفي أثره وتنشر ميراثه، وتلتزم منهجه وطريقته، وتنضوي تحت رايته ورسالته، فعظمة الرجل بقدر ما كان يحمل من الحق ويعمل به، وصدق المحبة بقدر ما يكون من الاقتفاء والسير على الدرب ولزوم المنهج والتمترس حول الثوابت هذا الرجل العظيم المؤثّر كان نتاج تربية إيمانية، نشأ على مائدة القرآن، وترعرع في ساحات العز والكرامة، فكان خير من ينطق باسم الأبطال.
فالسلام عليك يا حذيفة يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم نلتقي بك في الجنة ـ إن شاء الله تعالى ـ والحمد لله أن شرفنا بك في دنيا العبيد وشهيداً عند ذي العرش المجيد ـ بإذن الله ـ ونسأل الله أن يعوّض شعبنا وأمتنا فيك خيراً.
شهاب
المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.



