أخبار لبنان

أين عون وسلام من تُرَّهات رجّي؟

هل يتفرّد الوزير يوسف رجّي بالسياسة الخارجية للبنان، أم أنه يتصرّف بضوء أخضر من الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام متواطئيْن؟

منذ تولّيه منصبه، يعتمد رجّي أسلوبًا وخطابًا، لا صلة لهما، بالأعراف الدبلوماسية أو الدساتير أو القوانين.

هو منطق “التحزّب الأعمى” الذي يجري تزيينه بشعارات بلهاء. تنصّل رجّي من كلّ مسؤولياته كوزير للخارجية، والتجنّد لأداء دور كأنه موظّف في وزارة الخارجية الأميركية، أو ربّما ما هو أكثر من ذلك، دفعه لأن تكون مهمته محصورة بالتصدّي للعلاقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران، حيث لا يترك فرصة إلا ويطلق مواقف كتعليق أو ردّ، على أي موقف يصدر عن أي مسؤول إيراني، حتّى لو كان موقفًا متضامنًا مع لبنان أو فيه إدانة للاعتداءات “الإسرائيلية”!

واضح، أن الرجل، يمثّل “القوات اللبنانية” ليس في التمثيل الوزاري، بل هو يستحق التهنئة من قيادته على نجاحه في جعل موقف وزارة الخارجية مطابقًا لموقف “القوات”، وهذا ما يستدعي الاستغراب حيال موقفَي الرئيسين عون وسلام مما يقوم به رجّي، سيما أن ما ينطق به لا ينسجم أبدًا مع موقف رئيس الحكومة أو البيان الوزاري، كما أنه يقوم بدور يُفترض أنه متروك لرئيس الجمهورية، علمًا أن الأخير، كان ناقش في الآونة الأخيرة، آلية لتفعيل العمل الدبلوماسي بعيدًا عن وزير الخارجية “الذي دلّت التجربة على أنه لا يقدر على تحديد موعد مع مسؤول رفيع في أي دولة في العالم”.

مع الإشارة إلى “نكتة” رائجة في أوساط وزارة الخارجية تقول، إن “رجّي يأخذ تعليماته، من المسؤول في “القوات” جوزيف جبيلي، باعتبار أن الأخير “مطّلع على خفايا ما يجري في العاصمة الأميركية وعواصم القرار في العالم”.

رجّي الذي يبدو أنه مهتمّ بأن يطلق عليه الناس صفة الناشط لا وزير الخارجية، بدأ يتحدّث عن دور سياسي له بعد الحكومة. حتّى إنه قال، إن هناك أكثر من وزير سوف يستقيلون من الحكومة ويترشحون للانتخابات النيابية المقبلة، وأنه قد يكون أحد هؤلاء، خصوصًا في بيروت، مراهنًا على تغييرات مرتقبة على لوائح مرشحي “القوات” في العاصمة. ومع أن أحدًا لا يناقش في حق رجّي بأن يكون له انتماء حزبي كما باقي الوزراء، فعليه أن يعرف أن وظيفته الوزارية تفرض عليه ترك “حقيبة القوات” خارج الوزارة، والتصرّف وفق الأصول.

لم يكتفِ رجّي بعادة “التطنيش” واعتماد سياسة “صُمّ بُكم عُمي” تجاه كلّ التصريحات الأميركية والاعتداءات “الإسرائيلية” والتدخّلات السعودية، فاعتذر رسميًا عن عدم تلبية دعوة نظيره الإيراني عباس عراقجي لزيارة طهران، مقترحًا بدلًا من ذلك عقد اجتماع بينهما في دولة ثالثة محايدة، مشيرًا إلى أن ذلك يعود إلى غياب الظروف المؤاتية في الوقت الراهن، دون أن يحدّد طبيعة هذه الظروف.

بينما فضّلت إيران التعامل بأسلوب دبلوماسي تمثّل بردّ الوزير الإيراني الذي شكر نظيره على الدعوة التي وجّهها، معتبرًا أنّ “عدم استقبال لبنان لمبدأ المعاملة بالمثل يثير الاستغراب”، مؤكّدًا “أنّ الدول التي تربطها علاقات أخوية وكاملة لا تحتاج إلى مكان محايد لعقد لقاءات دبلوماسية بين وزرائها”، في محاولة منه كوزير مخضرم احتواء صبيانية رجّي، مع معرفته بالتعليمات التي تتحكّم بأداء الوزير اللبناني.

لكنّ تجاوزات رجّي لم تتوقّف هنا، إذ علمت “الأخبار” أنه وبعد تعيين الدكتور أحمد سويدان سفيرًا للبنان في الجمهورية الإسلامية في إيران في تشرين الأول الماضي، أرسلت طهران اسم سفيرها الجديد الذي تنوي تعيينه، لكن رجّي وضع الاسم في جارور مكتبه، وحتّى الآن لم يطرحه على طاولة مجلس الوزراء بما يخالف القانون، ولم يرفع نسخة من أوراق الاعتماد إلى القصر الجمهوري، كما لم يُبلِغ طهران موافقة لبنان حتّى ترسل سفيرها الجديد.

ويقول مطّلعون، إن رجّي، يلتزم قرارًا قواتيًا منسّقًا بصورة واسعة مع الأميركيين والسعوديين، يقضي برفع مستوى الهجوم ضدّ إيران، وجرّها إلى مشكلة تخلق أزمة دبلوماسية بينَ البلدين. وإنه سيقوم باستدعاء السفير اللبناني من هناك للتشاور في أي لحظة، كما سيقترح على الحكومة خفض التمثيل الدبلوماسي للبنان.

وكان رجّي قال، إن “الدور الإيراني في لبنان والمنطقة سلبي جدًا، وسياسات طهران من مصادر عدم الاستقرار”، لافتًا إلى أنّ “لدينا مشكلة مع إيران ومنفتحون على الحوار شرط توقّفها عن التدخل في شؤوننا الداخلية”. وأكّد أن “على إيران أن توقف تمويل تنظيم غير شرعي في لبنان”.

في ما كان لافتًا كلامه عن تلقّي لبنان تحذيرات بضربة “إسرائيلية” واسعة ضدّ لبنان، قائلًا: “وصلتنا تحذيرات من جهات عربيّة ودوليّة أنّ “إسرائيل” تحضّر لعمليّة عسكريّة واسعة ضدّ لبنان”. وأضاف: “نكثّف اتّصالاتنا الدبلوماسية حتّى نحيّد لبنان ومرافقه عن أي ضربة “إسرائيلية””، مشدّدًا على أنّ “سلاح حزب الله أثبت عدم فعاليته بإسناد غزّة والدفاع عن لبنان، بل هو جلب الاحتلال الإسرائيلي”. وتابع: “الدولة اللبنانية تحاور حزب الله لإقناعه بتسليم سلاحه، لكنّه يرفض ذلك”.

وقد باتَ كلام رجّي، مادة يستشهد فيها الإعلام العبري لدعم الرواية “الإسرائيلية” بشأن سلاح حزب الله، حيث نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أمس كلام رجّي عن الحزب لقناة “الحدث” كخبر رئيسي على موقعها باللغة الإنكليزية.

وفي هذا السياق، قالت مصادر وزارية، إن الوزراء في حكومة الرئيس نواف سلام “فاتحين على حسابن”، وهو أمر اشتكى منه رئيس الجمهورية جوزيف عون سابقًا أمام المقرّبين، علمًا أنه في حالة رجّي لا يُمكن أن يتم التغاضي عمّا يحصل، وقد بدأ يضرّ بعلاقات لبنان الخارجية، وعلى عون وسلام أن يجيبا ما إذا كانت إيران دولة عدوّة أم صديقة، وهو ما رفع نسبة التشكيك في موقفَيْ عون وسلام من سلوك رجّي. وسألت المصادر هل “الرئيسان متواطئان أم عاجزان؟، لأنه لا يوجد أي تفسير لسكوتهما أو مبرّر”.

المصدر : صحيفة الأخبار

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع "صدى الضاحية" بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و"الموقع" غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى