ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، محاضرة بعنوان “رؤية إصلاحية للنظام السياسي والإداري في لبنان” بدعوة من جمعية “الفكر الحضاري اللبناني” و”مركز سليم سعد الثقافي الدولي” في عين زحلتا – الشوف، وحضور نوعي من أهل الفقه المجتمعي والمعرفي والثقافي، أبرزهم الشيخ عامر زين الدين ممثلا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، الشيخ رمزي عزام، الشيخ نادر شعبان، جهاد ذبيان، المهندس طوني برباري، العميد الدكتور غازي قانصو، علي الحاج، المحامي مازن أبو الحسن، والدكتور عادل طربيه، وجوه ثقافية وإجتماعية.
افتتح الحفل بالنشيد الوطني، وقدم للمحاضرة أبو الحسن وألقى سعد كلمة ترحيبية بالخطيب والحاضرين وتلا السيرة الذاتية للمحاضر، وبعد انتهاء المحاضرة جرت مداخلات وأسئلة أجاب عليها الخطيب وقدم سعد درعا تقديرية للمحاضر وتم لقاء ضيافة وتعارف في الباحة الخارجية للمركز الثقافي.
الخطيب
وبعد أن أثنى الخطيب على نشاط المركز وأهله، وحيا المنطقة وأهلها وساكنيها، وتمنى لهم “دوام التوفيق والعيش في هذه الربوع الجميلة بأمان وسلام وازدهار”، قال: “نحن في لبنان، علينا أن نبني وطنا لم يبن حتى الآن، فوطننا لبنان هذا الوطن الجميل، الذي هو جميل ليس فقط بطبيعته، بل بإنسانه، الذي ينبغي أن يتوجه له كل الاهتمام. يجب على اللبنانيين أن يتعاملوا في ما بينهم بالحكمة والتعاون ليتمكنوا من مواجهة الأخطار، التي لن يستطيع لبنان أن ينأى بنفسه عنها. ولبنان، منذ تأسيسه ككيان سياسي، لم يبن فيه نظام يؤمن استقرار البلاد والاهتمام بالعباد، لأن النظام بني على اساس طائفي، بينما يجب ان يكون النظام للمواطن، وليس للطوائف. يجب أن نتكلم بصراحة، فتذكر الأمور، كما هي، لتصل الى نتيجة، خلال الحرب اللبنانية لم تربح أي طائفة، وليس المعيار هو الكثرة اوالقلة، بل إن القيمة هي للانسان، واللبنانيون تضرروا من هذا النظام والمشكلات والحروب التي نتجت عنه او بسببه، جميعهم تضرروا من مسلمين ومسيحيين، و النظام لم يحترم الإنسان، فقد اهتم بالمركز ولم يهتم بالاطراف.أما التسويات لم تستطع أن تبني دولة ولا نظاما، والهواجس التي يعيشها بعض اللبنانيين ليست صحيحة”.
وتساءل: “هل أن اللبنانيين لا يقدرون أن يبنوا وطنا يليق بإنسانه وبطبيعته وبموقعه الاستراتيجي؟ بدلا من ان تبنى دولة واحدة موحدة تهتم بجميع مواطنيها، صار لكل طائفة دولة ضمن الدولة. فان الدولة الحقيقية هي التي تؤمن احتياجات مواطنيها وتحفظ كرامتهم، والمشكلة الحقيقة هي الطائفية، والعدو الإسرائيلي ينتهك السيادة اللبنانية كل يوم، كيف يتعاطى مع هذا الموضوع، فهل نحن نحيا في لبنان ضمن قبائل؟ فالطوائف هي تفسيرات للدين، والديانة المسيحية هي جزء من الديانة الإسلامية، والاسلام بلا مسيحية ليس دينا. قرآنيا، نقول بأن الكرامة هي للانسان وينبغي أن لا يميز الاعتقاد الديني بين الناس. ففي التاريخ حصلت حروب بين المسلمين والغرب، وليس مع المسيحيين، وليس من ثمة خطر على المسيحيين. وهذا النظام جعل المسيحيين مظلومين فيه، وكذلك جعل المسلمين مظلومين فيه أيضا”.
وأردف: “نحن نطرح أن يبنى النظام على أساس المواطنة، وهو الذي يحفظ الجميع، والدولة يجب أن تحفظ الجميع على اساس الكفاءة، وليس على غير ذلك. يجب أن لا نترك المخاطر الاستراتيجية تهدد الوطن، لذلك يجب المبادرة إلى حل جميع المشكلات التي نعاني منها الآن، وذلك بالحوار الهادف المسؤول، لبنان منبر حضاري يحمل مواطنوه رسالة الإسلام والمسيحية تجاه العالم أجمع، علينا أن نجيد تقديم هذه الرسالة من لبنان إلى العالم، ففي لبنان نستطيع أن نقدم أفضل صورة عن الإسلام والمسيحية للعالم كله”.
وختم الخطيب: “للمثقفين اللبنانيين، الذين أحييهم، دور مهم في بث الوعي لتكوين رأي عام يؤسس لدولة المواطنة التي تحفظ جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم وعلى الناس إن يخرجوا من سجونهم الطائفية، فالجميع يجب أن يعيشوا بإنسانيتهم ووطنيتهم وفي نظام يحفظهم جميعا مجتمعا واحدا ووطنا واحدا”.