أخبار لبنان

جهاد الإعمار يدخل حيز التنفيذ: وعدٌ والتزام

لم ينتظر المعنيون بملف إعادة الإعمار انتهاء الحرب ليبدؤوا عملهم، إذ عمدوا لتحضير الخطط والدراسات مسبقًا، للمباشرة بعملية الإعمار والنهوض على مستوى المناطق كافة، ما إن تضع الحرب أوزارها. استنفرت مؤسسة جهاد البناء كل جهودها، ومعها العديد من الجهات والمؤسسات المعنية بإعادة الإعمار منذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار، وذلك وفق آليات عمل واضحة ومدروسة، لا سيما وأن الظروف الراهنة تعدّ أكثر تعقيدًا ودمارًا ممّا كانت عليه في العام 2006، لتقود بذلك أيضًا عملية إنعاش للاقتصاد اللبناني ككل.

جهاد البناء يطلق ورشة الإعمار

 تعتبر مؤسسة جهاد البناء ومعها شركة معمار الجهة المركزية التي تقود عملية إعادة الإعمار، وقد باشرت عملها منذ الساعات الأولى لوقف العدوان. يشير مدير شركة معمار الحاج حسين خير الدين في هذا السياق إلى أن الشركة عمدت لفتح مكاتب للمهندسين على كل الأراضي اللبنانية التي لحقتها الأضرار، كل مكتب يرأسه مدير وعدد من المهندسين لا يقل عن عدد القرى التي يغطيها المكتب.

دور المهندسين يشمل الكشف على كل الوحدات السكنية والتجارية المتضررة وملء استمارة بذلك وتقدير كلفة إعادة ترميمها والدفع لأصحابها ليقوموا بعملية الترميم، أما فيما يتعلق بالوحدات السكنية المهدّمة فسيُدفع لأصحابها مبلغ 14 ألف دولار لمدة سنة إذا كان صاحبها مقيمًا في بيروت و12 ألف دولار إذا كان خارجها، وذلك كبدل إيواء.

وفقًا لمدير شركة معمار، فإنه لا يوجد لغاية الآن إحصاء نهائي لعدد الوحدات السكنية والتجارية المتضررة وكذلك المهدّمة، لكن يقدّر بأن تكون أكثر من ضعف تلك التي تضررت وتهدمت في حرب تموز 2006، والتي بلغت حينها 17500 وحدة مدمّرة و127000 وحدة متضرّرة.

وعن الفترة الزمنية اللازمة لإنهاء عملية إعادة الإعمار، فإن عمليات الترميم تستلزم ما بين 3 إلى 6 أشهر، أما في ما يتعلق بالوحدات المهدمة فهي تحتاج إلى 3 أو 4 سنوات، وسيتم دفع إيواء لأصحابها خلال أيام قليلة، مؤكدًا أن المؤسسة بكل أركانها ستعمل جاهدة لإنجاز مشروع إعادة الأعمار بالسرعة الممكنة. وعلى المستوى الزراعي، أوضح خير الدين أنه سيتم إحصاء الأضرار الزراعية والثروة الحيوانية بكل المناطق اللبنانية، وذلك وفق خطة عمل محددة أيضًا.

التجمع الإسلامي للمهندسين حاضرٌ مساند

يؤدي التجمع الإسلامي للمهندسين اليوم دورًا مهمًا في عملية إعادة الإعمار، وهو “يقوم بواجبه تجاه أهله ومجتمعه والوطن كله،” وفق ما أكد علي زهور مسؤول الملف التطوعي في وحدة المهن الحرة في حزب الله. لقد سخر التجمع كل طاقاته في جهاد البناء استكمالاً لدور المقاومة التي واجهت غطرسة العدو الصهيوني بآلته الحربية الخبيثة. وهنا يكمن دوره الأبرز بالمساهمة في إعادة الإعمار والترميم، لذلك تمت دعوة كل المهندسين في الوطن، للمساعدة من أجل إبطال نوايا هذا العدو الغاشم.

الحاج زهور يشير في السياق نفسه إلى أن الحرب مع هذا العدو المجرم لا تنتهي وأننا نقاوم بجهاد البناء وإعادة الإعمار خدمة لأهلنا الشرفاء الذين هم أمانة شهيدنا المقدس السيد حسن نصر الله وأمانة الشهداء في أعناقنا. وقد عمل مهندسو التجمع منذ بداية هذه الهجمة على المناطق الحدودية واستمرت التحضيرات والإجراءات بتوجيهات من الإخوة المعنيين في أثناء العدوان الهمجي وفور انتهائه. وفي صبيحة انتهاء العدوان لم نُفاجأ بأعداد المهندسين الكبيرة من كل مناطق الوطن المستعدين للعمل تحت إشراف الأخوة في جهاد البناء، من أجل المساعدة في إعمار مناطقنا المدمرة بفعل الهمجية الصهيونية، والكلام دائمًا للحاج زهور.

مسؤول الملف التطوعي أكد في الختام أن عجز العدو الصهيوني عن مواجهة المقاومة، وتحطّم جبروته بفضل سواعد المجاهدين وتضحيات الشهداء، دفعه لقصف مناطق سكنية بأسلحة فتّاكة بهدف تدمير أكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية. وهذا استحقاق يواجهنا بإعادة مناطقنا المدمّرة أفضل ممّا كانت، وأن يعود أهلنا الشرفاء الأعزاء إلى بيوتهم، ونستطيع أن نجزم بأن الأمور سائرة في هذا الاتجاه. وكما أهدانا الأخوة في المقاومة الانتصارات، فعهدنا أن نكون أوفياء لما وعد به شهيدنا الأقدس السيد حسن نصر الله، وتلبيةً لقيادتنا بتنفيذ وصية “الوعد والالتزام” بإعادة الإعمار.

فرصة لتحفيز الاقتصاد الوطني

تشكل عملية إعادة الإعمار فرصة مهمة لتحفيز الاقتصاد وتنشيطه، لا سيما وأنها ستؤثر بشكل كبير في مختلف مؤشرات الاقتصاد الوطني، وستحرّك العجلة الاقتصادية في العديد من القطاعات، فضلًا عن خلق فرص عمل كثيرة، مباشرة وغير مباشرة.

أبرز القطاعات التي ستشهد حركةً اقتصادية مهمّة هي قطاع البناء والتشييد، حيث ستنشط شركات المقاولات والهندسة المعمارية وسيتم توظيف آلاف العمال في هذه المشاريع، بما في ذلك المهندسون، الحرفيون، وعمال البناء، فضلًا عن قطاع المواد الخام حيث سيزداد الطلب على مواد البناء مثل الإسمنت، الحديد، والأخشاب، مما يساهم في إنعاش الصناعات المحلية، وخلق فرص عمل في المصانع.

قطاع الخدمات بدوره سيشهد نشاطًا لافتًا مثل النقل، التغذية، وإدارة النفايات وخدمات الاستشارات الهندسية وإدارة المشاريع. وسينسحب الأمر على قطاع الطاقة والبنية التحتية من إصلاحٍ لشبكات الكهرباء، المياه، الطرق، الصرف الصحي، وبناء الجسور وغيرها.

الحركة الاقتصادية ستنعكس بدورها على مؤشرات الاقتصاد الوطني، أهمها الناتج القومي الإجمالي إذ تساهم مشاريع إعادة الإعمار في زيادة الناتج القومي بشكل كبير، نتيجة الإنفاق الحكومي والاستثمارات الأجنبية في إعادة الإعمار. في السياق نفسه توفر المشاريع الكبرى فرص عمل لآلاف الأفراد خاصة في القطاع الخاص، مما يساهم في خفض معدلات البطالة. إن قيام الدولة بالاعتماد على مصادر تمويل محلية واستثمارات أجنبية مباشرة، من شأنه أن يخفف الضغط على ميزان المدفوعات، كما أن تحسين البنية التحتية وزيادة الإنتاجية الصناعية والزراعية يمكن أن يعزز صادرات الدولة على المدى البعيد.

العهد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى