سجلت المقاومة الإسلامية ارتقاءً نوعيًا وكميًا في عملياتها خلال 48 ساعة توزعت على يومي الخميس والجمعة 3 و4 تشرين الأول/أكتوبر، ثبتت خلالها مجموعة من الاستنتاجات والدلالات الميدانية والإستراتيجية البالغة الأهمية يمكن توزيعها وفق التالي، وذلك استنادًا إلى تحليل البيانات الصادرة عن المقاومة الإسلامية خلال هذين اليومين:
١ – بلغ عدد العمليات خلال يومين 55 عملية توزعت على 32 عملية يوم الخميس 3 تشرين الأول/أكتوبر و23 عملية يوم الجمعة 4 تشرين الأول/أكتوبر. وشكل يوم الخميس الرقم الأعلى في تاريخ الاشتباك مع العدوّ خلال عام كامل، وهو رقم صادم للعدو الذي تأكد بالدليل الميداني أن نظرية استهداف القيادات العليا العسكرية لا تؤثر على البنية التشغيلية للمجاهدين، وأنهم ينتظمون ضمن هيكلية قيادية قادرة على الاحتواء السريع لكل محاولات تفكيكها، وأن الاختبار الحقيقي لتلك النظرية “الإسرائيلية” يتم بالنار وليس بالتسويق الإعلامي، وبالتالي فهم العدوّ من تتبّعه لبيانات المقاومة الإسلامية التي تلخص وقائع المواجهات المباشرة معه أن هناك استعدادًا لدى حزب الله للاستمرار في العمل وعلى الحافة الأمامية وفي أسوأ الظروف.
٢ – يبين عدد العمليات خلال يومين (55 عملية) أن هناك عديدًا بشريًا للمقاومة الإسلامية متنوع الاختصاصات والمجالات في منطقة المواجهة، كما توجد مرابض ومنصات القصف المدفعي والصاروخي بحيث يستطيع أن ينفذ هذه العمليات الكثيفة، وعدد معتبر منها نفذ في التوقيت نفسه (الساعة والدقيقة) أو بفواصل زمنية قصيرة جدًا بالدقائق أو خلال ساعة واحدة أو ساعتين على الأكثر، بحيث تستمر نيران المقاومين بالتساقط بكثافة على قوات العدوّ وتموضعاتها (وأغلبها مستترة ومموهة) في ثكناتها ومواقعها ومستوطنات الاحتلال، مما يؤثر على حركتها الميدانية وخطتها للتوغل البري.
٣ – حافظت المقاومة الإسلامية على نوعية العمليات التي تتوزع على القصف بصليات صاروخية متعددة المديات والأنواع وكذلك القصف المدفعي والصواريخ الموجهة ضدّ الأفراد والدروع، وتم ادخال العبوات الناسفة إلى الميدان بعد إطلاق العدوّ عمليته البرية.
٤ – يشير عدد الصواريخ التي يعترف العدوّ بإطلاقها (200 – 250 صاروخًا) في اليوم الواحد إلى عدة نقاط جوهرية: أولها توافر مخزون صاروخي ضخم في مناطق العمليات جاهز للاستخدام اليومي لم تصل إليه كلّ غارات الاحتلال السابقة التي قال العدو إنه استهدف فيها مخازن الصواريخ، وإن هذا العدد اليومي ما كانت المقاومة لتطلقه لولا توافر مخزون يضمن لها الاستمرارية في مواجهة غير معروف متى تنتهي. والنقطة الثالثة تتمثل بالقدرة على تحريك وتلقيم وتفعيل الراجمات ومنصات الإطلاق والتي تحتاج إلى عديد بشري ليس قليلًا. وهذه الأرقام والكثافة في الإطلاق تؤكد أن كلّ الإطباق الجوي لا يعطل قدرة المجاهدين على الحركة. ونقطة أخرى مهمّة هي أن هذا الإطباق مع إمكانية وسرعة اكتشاف العدوّ للمجاهدين أثناء النقل والتجهيز وأثناء الإطلاق وبعده لا يؤثر على معنوياتهم وثباتهم وتركيزهم لضبط الإحداثيات، خصوصًا على أهداف جديدة لم تستهدف سابقًا. وكان لافتًا في إحدى العمليات إعلان المقاومة أنها قصفت بـ 100 صاروخ كاتيوشا و6 صواريخ فلق في توقيت واحد هو الساعة السادسة والربع غروب يوم الخميس موقع ومستعمرة وبساتين المطلة دفعة واحدة، وحملت العملية الرقم 26. ولهذه الأرقام دلالات مهمّة جدًا لجهة فشل العدوّ بعد 25 عملية قصف واشتباك في يوم واحد في منع تنفيذ عملية قصف بهذه الغزارة وبنوعين من الصواريخ والتي تظهر قدرة فائقة على العمل للمقاومين تحت النيران الغزيرة والاشتباك المباشر بين المجاهدين الذي كان يحصل يوم الخميس على الحافة الأمامية.
٥ – نفذ المقاومون يوم الخميس (19 عملية) والجمعة (10 عمليات) استهداف لتجمعات وتحركات العدوّ بالصواريخ والقذائف المدفعية. وكان لافتًا تكثيف استخدام صواريخ فلق على شكل صليات أو بصورة منفردة، وهي عمليات استباقية تحصل داخل مستعمرات ومواقع العدوّ بناءً على رصد واستطلاع متعدد المصادر مما يوجه رسالة واضحة لقيادة العدوّ بانكشاف قواتها أمام نيران المجاهدين داخل فلسطين المحتلة، بما يؤثر على قدرتهم على المشاركة في العمل البري من خلال تكبيدهم خسائر بشرية ومادية وإشغالهم بعمليات إنقاذ وانتشار ولتفهم هذه القوات أن ما ينتظرهم إذا دخلوا الأراضي اللبنانية سيكون أكثر مما يعانونه ويعاينونه أثناء تجمعهم في أماكن يعتبرونها خاصة بهم ومحمية وبعيدة عن الرصد.
٦ – تميّز يوم الخميس بحصد المقاومة الإسلامية حسب مصدر ميداني فيها 17 قتيلًا بين ضابط وجندي من القوات الصهيونية التي حاولت التوغل إلى الأراضي اللبنانية خصوصًا من نواحي بلدتي مارون الراس ويارون حيث تم تفجير أربع عبوات ناسفة والاشتباك من المسافة صفر مع القوات المتوغلة، وكذلك إحباط محاولة تقدم في منطقة بوابة فاطمة عبر قصف القوّة المحاولة بالقذائف المدفعية.
وتركزت محاولات قوات العدوّ التوغل يوم الجمعة نحو بلدتي يارون ومارون الراس من جهات جديدة حيث حصلت اشتباكات مباشرة وفجر المقاومون خلالها عبوات ناسفة انتهت إلى تكبيد العدوّ عددًا كبيرًا من القتلى والجرحى الصهاينة وفقًا لتأكيد مصادر المقاومة وبناء على اعترافات جيش العدوّ كحصيلة لمحاولات التوغل في أربعة أيام.
وكان لافتًا في محاولتي التوغل يوم الجمعة حصولهما في وقت واحد تقريبًا عند الرابعة والثلث عصرًا في مارون الراس وعند الرابعة والنصف من ناحية يارون، وجرت اشتباكات متزامنة في المنطقة أكدت فيها المقاومة بالميدان أنها جاهزة عند كلّ النقاط الحدودية ولا تنفع معها محاولات الإشغال والتشتيت.
٧ – وفقًا لاعتراف المصادر “الإسرائيلية” فان مجاهدي المقاومة كانوا يخططون لعمليات أسر عسكريين صهاينة خلال الاشتباك معهم، مما دفع قيادة العدوّ إلى تعميم إنذار لقواتها المتوغلة من مغبة تعرضهم للأسر واتّخاذ الإجراءات التي تحول دون ذلك، مما يثبت حقيقة ميدانية هي تفوق المجاهدين في المواجهة البرية وقدرتهم ليس فقط على إحباط التوغلات بل القيام بعمليات أسر. وخلصت صـحـيـفـة “يـديـعـوت أحـرونـوت” اعتمادًا على مصادر ميدانية “إسرائيلية” إلى أنه في الأيام الأربعة الأولى من العملية في جنوب لبنان أدرك الجيش “الإسرائيلي” أن عناصر حزب الله لا يعتمدون على إطلاق النار من مسافة بعيدة، وقد أبلغ المظليون بالفعل عن 6 مواجهات من مسافة قريبة، وأن عناصر حزب الله يخوضون معارك وجهًا لوجه مع جنود الجيش “الإسرائيلي”، الذين دخلوا جنوب لبنان.
٨ – أبقت المقاومة على مدينتي صفد وطبريا تحت نيران صواريخها المتعددة الأنواع، وأدخلت يومي الخميس والجمعة أهدافًا جديدة، فاستهدفت يوم الخميس قاعد سخنين للصناعات العسكرية في خليج عكا بصلية صاروخية كرد على الاستباحة الهمجية “الإسرائيلية” للمدن والقرى والمدنيين، وقصفت قاعدة “ناشر” شرق حيفا بصلية من صواريخ فادي 2 ضمن سلسلة عمليات خيبر. وكرّرت يوم الجمعة استهداف تجمع مستوطنات “الكريوت” شمال حيفا التي تضم نحو ربع مليون مستوطن بصليات صاروخية، وقصفت قواعد “إيلانيا” ونفح و”كتسرين” بصليات صاروخية، مما يؤثر على القدرة التشغيلية لتلك القواعد في دعم وإسناد العملية البرية لجيش الاحتلال.
٩ – كان لافتًا تنفيذ المقاومة 9 عمليات قصف ليلي بالصواريخ بما فيها صواريخ فادي 2 أغلبها يوم الجمعة (٨ عمليات قصف ليلي) رغم مخاطر الانكشاف أمام طيران العدوّ الاستطلاعي وأجهزته الجوية لسهولة تحديد مواقع الإطلاق ليلًا، مما يظهر ثقة من المقاومين بضمان سلامتهم وسلامة منصات الإطلاق والقدرة على الاستتار السريع مع توافر قدرة معتبرة للعدو في كشف وقصف مواقع انطلاق الصواريخ.
١٠ – على مستوى الإدارة الإعلامية لنشر وقائع المواجهات كان لافتًا أن خطوط التواصل مع الميدان تعمل بسرعة معتبرة حيث لا يوجد فاصل زمني كبير بين تنفيذ العملية وتوزيع البيانات المتعلّقة بها، وفي بعض العمليات كان الفاصل الزمني نصف ساعة فقط بين التنفيذ والإعلان. وقد سجلت المقاومة خطوة مهمّة نحو تفعيل هذه الجبهة فلم تعد تقتصر على البيانات الصادرة عن المقاومة الإسلامية، بل أضافت مصادر ميدانية مرتبطة بالمقاومة تقوم بتوزيع معطيات هامة وتفصيلية عن وقائع ونتائج بعض العمليات. ولفت صدور بيان عن غرفة عمليات المقاومة الإسلامية تؤكد فيه من مصادرها الميدانية والأمنية الموثوقة مقتل ١٧ ضابطًا وجنديًا في مواجهات يوم الخميس. كما وزع بيان رسمي قدم فيه ضابط ميداني في غرفة عمليات المقاومة الإسلامية شرحًا للصور التي نشرها العدوّ يوم الجمعة (4/11) لجنوده قرب منازل بناها سكانها في أراضٍ لبنانية ملاصقة للحدود الفلسطينية، وأن ثمن هذه الصور التي يحتاجها بشدّة نتنياهو المأزوم، كان أكثر من 20 قتيلًا وجريحًا في صفوف جنود النخبة، الأمر الذي أجبر الرقيب العسكري “الإسرائيلي” على إخفائه والتعتيم على الحدث. وقدم الضابط الميداني تفاصيل لم تتضمنها البيانات السابقة كشف فيها أن المقاومين فجروا في جنود نخبة العدوّ (عصر يوم الجمعة) عند الحافة الأمامية وفي كمائن معدّة مسبقًا عددًا من العبوات (بعضها زُرِع بالأمس الخميس) واشتبكوا معهم من مسافات قريبة وصلت إلى مسافة صفر، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف القوّة المتسللة، ومن لم يُصَب حمل قتيلًا أو جريحًا تحت غطاء مدفعي من مرابض العدوّ داخل الأراضي المحتلة.
هذا الارتقاء الإعلامي العسكري سبقه تواصل مصادر ميدانية في المقاومة مع وسائل إعلامية خارجية قدموا فيها معطيات وتفاصيل حول بعض العمليات النوعية مما يؤكد أن إدارة الاعلام الحربي قفزت خطوة هامة جدًا لتطوير وتفعيل أداء الجبهة الإعلامية، وهذا يؤكد مع مجموع إدارة وتنسيق وتنفيذ العمليات العسكرية (55 عملية في يومين) أن القيادة والسيطرة والتشغيل في المقاومة الإسلامية تعمل بكفاءة عالية جدًا جدًا ولذلك بدأت تخرج تقييمات “إسرائيلية” وغربية مختلفة لنتائج عمليات القصف الجوي لما صنف مخازن سلاح وللنتائج العكسية لعمليات اغتيال القيادات بمختلف مستوياتها وتخصصاتها.