جريمة حرب جديدة بحقّ المدنيين تُضاف إلى سجل العدو الإسرائيليّ الحافل بالإجرام والوحشية، بعد العدوان الغاشم الذي استهدف الضاحية الجنوبية، واغتيال قائد فرقة الرضوان إبراهيم عقيل الذي عُيّن خلفاً لفؤاد شكر، والذي راح ضحيته 14 شهيداً وعشرات الجرحى، في حصيلة أولية حتى منتصف ليل أمس، بينما آخرون لا يزالون في عداد المفقودين مع الاستمرار بعمليات رفع الأنقاض إثر الدمار الهائل.وفي ظلّ التنديدات بهذه الجريمة ضدّ الإنسانية، واصل الكيان الإسرائيلي تهديداته للبنان، حيث أعلن رئيس أركان العدو الإسرائيلي “أنّنا في خضم أيام دراماتيكية وهامة على الساحة الشمالية”، مضيفاً أن “لا خطوط حمراء حاليًّا في المواجهة مع حزب الله، وسنواصل ملاحقة قادة الحزب وكل شيء مطروح على الطاولة وأنّنا في مرحلة جديدة من الحرب ضد حزب الله”.
كارثة وطنية تحلّ بلبنان وتجاوزٌ للخطوط الحمراء كلها، وفق تعبير الرئيس وليد جنبلاط الذي التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، لمواكبة التطورات الخطيرة، ولتقديم التعزية للأهل بالمناضلين الذين استشهدوا وللتعاضد والمواساة مع أهالي المصابين”.
جنبلاط أعرب عن قلقه الكبير، معتبراً أنّنا كنّا في مرحلة حاولنا فيها فصل المسارات، مضيفاً أن “نتنياهو انتقل إلى مرحلة لبنان وأتمنى أن أكون مخطئا والرئيس الاسرائيلي يريد تصفية المقاومة في لبنان، وأن الولايات المتحدة هي التي تغطي هذا العدوان على لبنان وهي شريكة في الجريمة في غزة ولبنان ولاحقاً في الضفة”، داعياً إلى التضامن والابتعاد عن النزاعات الفردية، خصوصاً وأن هناك قطاعات بحاجة ماسة إلى مساعدة.
بالتزامن، لفتت مصادر أمنية عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى خطورة انزلاق الأمور باتجاه حرب موسعة، إذ إن من خلال اغتيال إسرائيل لقائد الرضوان إبراهيم عقيل تسعى لجر الولايات المتحدة إلى الحرب الشاملة، لأنها لا تستطيع بمفردها خوض غمار هذه الحرب في ظلّ التهديد بتحريك الساحات من لبنان الى سوريا والعراق واليمن، فيما إيران مصرّة على عدم توسيع الحرب.
المصادر الأمنية تخوّفت في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية من تصعيد أشدّ خطورة، وارتفاع حجم الاعتداءات الإسرائيلية ضد لبنان في الأيام والاسابيع المقبلة.
وسط الجو المشحون، توجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى نيويورك للضغط ونقل موقف لبنان الرسمي، إلى جانب وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الذي شارك أمس في جلسة مجلس الأمن لشرح موقف لبنان وتقديم شكوى ضد اسرائيل، مشدداً على أنه “بحّ صوت اللبنانيين بأنّنا لسنا هواة حرب ولا ثأر بل نريد الحقّ ونطالب بعودة النازحين فلتعلم إسرائيل مهما بلغت قوّتها بأنّها لن تُعيد نازحيها إلى قراهم بقوة السلاح بل ستهجّر من لم يتهجّر بعد إذا وسّعت اعتداءاتها”.
وأضاف “نطلب إدانة وحشية إسرائيل بصورة واضحة وصريحة وتحميلها المسؤولية الكاملة عن تخطيطها وتنفيذها الاعتداء السافر على سيادة لبنان وأراضيه ونطالب بتجنّب اندلاع حرب إقليمية مدمّرة والحفاظ على مصداقية الأمم المتحدة”.
في السياق، أشار الخبير الاستراتيجي الجنرال الياس حنا إلى أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو يحاول في هذا الوقت تحييد قطاع غزة ودفع الضغط باتجاه جبهة الجنوب بهدف تحجيم حزب الله، لكن اسرائيل لا تستطيع في الوقت الحاضر الذهاب إلى حرب شاملة، لانها تتطلب مقومات غير متوفرة لديها حالياً.
وإذ اعتبرَ حنا في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أنَّ خسارة “الحزب” كبيرة جداً وهو ما أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، مذكراً أنه ألمح الى الصمود والاستنزاف على المدى البعيد، ما يعني التصعيد بالتدرج، فيكون حزب الله قد رد اعتباره، وفق تعبيره.
بدوره، وصف أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية خليل حسين، في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، الوضع بالحساس والخطير، معتبراً أن لا قدرة لدى حزب الله للذهاب برده على إسرائيل بشكل قاسٍ، إذ إن هذا الأمر يعني الذهاب الى حرب شاملة يشارك فيها محور الممانعة لبنان وسوريا والعراق واليمن.
إذاً، المنطقة على صفيح ساخن، في ظلّ استنفار داخلي غير مسبوق تحسباً لأيّ ضربة جنونية قد يُقدم عليها العدو، فيما يبقى الأهم التضامن والتعاضد لمواجهة آلة القتل الإسرائيلية.