القرار اليمني في البحر نافذ. السفن “الإسرائيلية” غابت، أما الأميركية والبريطانية فقل مرورها، وإن خالفت ضربت، فيما الشركات التي تتعامل مع موانئ الكيان في فلسطين المحتلة تبحر حائرة، وإن أنذرت فخالفت تنال منها الصواريخ والمسيرات والزوارق اليمنية.
هكذا هو الواقع في خليج عدن والبحر الأحمر، حيث النواة الأساس للمواجهة، وهو ما تنذر به العمليات اليمنية البحرية وغيرها، وآخرها ضرب سفينة نفطية، قبل يومين، وتخلي طاقمها عنها، أي أنها تجنح نحو الغرق.
ما فرضته صنعاء، أي قرار منع عبور السفن المرتبطة بالكيان، وكذلك السفن المرتبطة بدول العدوان الأميركي – البريطاني، يعد كسرًا للإردة الأميركية، وتهشيمًا للردع الذي كانت تتغنى به واشنطن برًا وبحرًا وجوًا، وهو ما تخلص إليه مختلف التقديرات لدى الجانبين.
وتحاول واشنطن اجتراح حلول للمأزق الذي ينذر بمستقبل صعب مرتبط بوجودها العسكري المباشر، وهيمنتها على ممرات بحرية مهمة وإستراتيجية، على رأسها مضيق باب المندب، وهو ما كسرته القوات المسلحة اليمنية.
قبل مدة، يقر قائد القيادة الوسطى الأمريكية بصعوبة المهمة البحرية في مواجهة أنصار الله، ويتحدث عن قدرات عالية يمتلكونها، ويشير صراحة إلى ضرورة السعي للتوصل إلى حلول دبلوماسية، مع صعوبة الحل العسكري، والذي فشل نتيجة التجربة وليس ضمن حسابات تقديرية، وهو ما كرره المبعوث الأميركي إلى اليمن أيضاً.
وبين الحين والآخر تخرج تصريحات أميركية تناقض أخرى، آخرها ما صدر عن “البنتاغون”، يوم الأربعاء الماضي، والذي يقر فيه بأن لدى صنعاء ترسانة عسكرية ضخمة، لكنه يشير إلى أن بلاده “قوضتها”.
ما صدر عن “البنتاغون” يدعو إلى الاستغراب، فهو تزامن مع تنفيذ القوات المسلحة اليمنية ضربتين في البحر الأحمر على خليج عدن، ضد سفينتين إحداهما تصارع الغرق، ما يعد إجابة أولى على الفشل الأميركي، فيما استعراض بسيط للمراحل الماضية يوضح كيفية تطوير صنعاء عملياتها كمًا ونوعًا وإدخال أسلحة جديدة إلى المواجهة، منها صواريخ وزوارق مسيرة مفخخة ومسيرات ذات مديات بعيدة، ليبين أن ما يزعمه “البنتاغون” غير مدعم بالوقائع.
قد تكون حالة التحضير للرد على الاعتداء “الإسرائيلي” في الحديدية، والذي فرض حسابات معينة على صنعاء وحلفائها قد دفع الأميركيين إلى تقديرات غير دقيقة، لكن يكفي الإشارة إلى ثبات القرار اليمني ومنع أحد من خرقه، للتأكد من أن ما صدر عن “البتناغون” ذات أبعاد إعلامية، وربما ذات حسابات تتعلق بالسياسة الداخلية.
وحول القدرات اليمنية وتطورها، لم تخف صنعاء على لسان السيد عبد الملك الحوثي، قائد الثورة، أنها طورت من قدراتها العسكرية وتكتيكاتها كذلك، نتيجة الاشتباك المباشر مع الأميركيين والبريطانيين، وأنه كلما ابتعدوا بحرًا كلما ساعد ذلك في تطوير القدرات، وهو ربما ما يمكن ترجمته في مسيرة “يافا” التي ضربت هدفًا أمنيًا في “تل أبيب” الشهر الفائت.
إن الوقائع تشير إلى فشل الأميركيين في تقويض ترسانة صنعاء ومنع تطويرها، بل ومواجهة “البنتاغون” صعوبات في التعامل مع العمليات اليمنية، وإن النجاحات تسجل لصنعاء التي ضربت “قوة الردع ” الأميركية وهشمتها، حتى باتت تفرض ما تريد وفق مصالح شعبها ومصلحة شعوب المنطقة، وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني.