في 8 آذار الفائت، عادت الدوائر العقارية في جبل لبنان إلى العمل، بعد أكثر من عامٍ على إقفالها بسبب توقيفات طاولت معظم موظفيها من أعلى الهرم إلى أدنى الرتب، على خلفية تقاضي رشى والإثراء غير المشروع.
مع العودة، اقتصر الأمر على إنجاز المعاملات التي تراكمت خلال فترة الإقفال، وتخصيص يوم الجمعة من كل أسبوعٍ لتسليم سندات الملكية الجاهزة إلى أصحاب العلاقة أو وكلائهم القانونيين، بعد الإعلان عنها من خلال جداول تتضمن أرقام المعاملات المُنجزة.
لكن، لوحظ منذ حوالي شهرين أنّ الجداول لا تشهد تغييراً كبيراً، وأنها تقريباً تحمل أرقام المستندات وإيصالات القبض المُنجزة نفسها.
ووفق معنيين، «يعني ذلك أن الموظفين لا يقومون بعملهم كما يجب»، فيما تؤكد مصادر متابعة «عودة حليمة إلى عادتها القديمة بإعطاء الأولوية لإنجاز معاملات يدفع السماسرة رشى لتمريرها سريعاً، ما أدى إلى تسجيل اعتراضات من أصحاب المعاملات المُهملة».
وقبل أسبوع، ألصقت السجلّات العقارية في جبل لبنان على مداخلها مذكّرة تفيد بإلغاء يومَي المراجعات اللذّين كانا مخصّصَين لمراجعات أصحاب المعاملات لمدة أسبوع واقتصار العمل على العمل الداخلي للموظفين.
فيما تفيد مصادر «الأخبار» بأن الإقفال سيستمر نحو شهر ونصف شهر، مشيرة إلى أن «هذا الإجراء قد تكون له علاقة بتورّط الموظفين من جديد مع سماسرة لتمرير معاملات على حساب أخرى».
إلى ذلك، رفض أمين السجل العقاري في جونية راني حيدر تنفيذ مذكّرة صادرة عن وزير المالية يوسف الخليل.
وكانت مديرية الشؤون العقارية قد كلّفت حيدر القيام بمهام أمين السجل العقاري في عاليه بالتكليف محل أمينة السجل ليليان داغر التي تقدّمت بإجازة طويلة بدون راتب إثر إخلاء سبيلها وعشرات الموظفين الآخرين بعد حملة التوقيفات التي طاولتهم أواخر 2022، بتهمة الفساد وتقاضي رشى.
ورغم صدور قرار تكليفه في 6 آذار الماضي، يرفض حيدر ممارسة المهام الموكلة إليه في أمانة سجلّ عاليه، معيقاً بذلك إنجاز المعاملات المتراكمة في الأساس.
وعليه، ألغى وزير المالية يوسف الخليل في 9 تموز الجاري، تكليف حيدر بمهام أمين السجلّ العقاري في عاليه، وكلّفه بمهام أمين السجلّ العقاري في عكار.
وفي المذكّرة نفسها، كلّف الخليل يمنى سعد، معاون السجلّ العقاري في صور، بمهام أمين السجلّ العقاري في عاليه.
المذكرة التي يُفترض العمل بها فور صدورها، يرفض حيدر منذ ثلاثة أسابيع تبلّغها، مُعرقِلاً عملية التسليم والتسلّم بينه وبين سعد.
ويوضح متابعون أنّ حيدر يرفض تطبيق قرار الوزير، ويرفض العمل، ويرفض السماح لغيره بالعمل، «من أجل الضغط على وزارة المالية لإعادته إلى مركز عمله الأساسي في أمانة سجلّ جونية».
وعلمت «الأخبار» أن الوزارة تتجه إلى «حظر ولوج حيدر إلى نظام التشغيل، عبر الـ username والـ password الخاصين به».
كما ظهرت إشكالية أخرى تمثّلت في رفض مُعاون أمين السجلّ العقاري في عاليه ليلى حيدر العمل تحت إشراف سعد (تم نقلها من صور إلى عاليه)، على اعتبار أنّهما من الدفعة نفسها، وطلبت حيدر من الوزارة نقلها من عاليه إلى بعبدا مقابل الإتيان بمعاون السجل العقاري في بعبدا مايا شريف إلى عاليه.