كتبت صحيفة “الديار”: في وقت باتت فيه الاجواء في شمال فلسطين المحتلة مفتوحة امام مُسيّرات المقاومة، بعد اعلان العدو فشله مجددا بالامس، بمنع مُسيّرات حزب الله من ضرب مواقع عسكرية في الجولان المحتل، فان الترجمة العملية لما يصطلح على تسميته في العلم العسكري بمصيدة «المغفلين»، ينطبق على الكمائن الجوية الناجحة التي ينصبها حزب الله لسلاح الجو «الاسرائيلي»، الذي خسر حتى الآن خمس طائرات مسيّرة، كان آخرها بالامس «هيرمز 900»، التي استدرجت كسابقاتها الى العمق والارتفاع المناسبين ، وتم اسقاطها بالاسلحة المناسبة التي لا تزال لغزا للعدو، الذي يخشى جديا من مفاجآت وحدة الدفاع الجوي التابعة للمقاومة، والتي بدأت تحضر مسرح العمليات لما بعد بعد «هرمز» عبراستهدافها الطائرات الحربية، لاجبارها حتى الآن على الابتعاد عن الاجواء اللبنانية، حتى يحين وقت اسقاطها في الزمان المناسب.
هذا العجز الميداني انعكس تخبطا سياسيا في «اسرائيل». وبعد ايام من التهديدات باشعال حرب شاملة، قال مسؤول «إسرائيلي» لوكالة «رويترز» ان الحرب في لبنان ليست حتمية، مبديا الانفتاح على الجهود الديبلوماسية لباريس وواشنطن.
في المقابل خرجت طهران بتصريحات تحمل دلالات مهمة في توقيتها، حيث اعلنت الخارجية الإيرانية أنّ «قوى المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي، إذا أقدمت «إسرائيل» على أي مغامرة في لبنان.
باسيل «والسلة» «وشيطان» التفاصيل؟
داخليا، سيل من المبادرات والمواقف الرئاسية امس، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي اطلق امس الاول من بكركي حراكا رئاسيا، رفض تسميته من «عين التينة» بانه مبادرة.
فتزامنا مع جولات وفد «اللقاء الديموقراطي»، الذي لم يتبلغ جديدا من القوى التي زارها حول المخارج الرئاسية، تحرك باسيل بحثا عن «سلة» متكاملة تتجاوز الاستحقاق الرئاسي الى ما بعده من تركيبة الحكم المفترضة، وسط انهيار واضح في الثقة بين «التيار» وقوى المعارضة، وهو ما يفسر تقربه اكثر من عين التينة، حيث عبّر بري عن ذلك بالقول ان «جبران افضل من غيره»، وذلك في تعبيرعن انه قابل ان «يأخذ ويعطي».
وافادت معلومات عين التينة ان باسيل لم يتحدث عن بعض شروطه السابقة، وتحدث فقط عن ضرورة التفاهم على حماية لبنان وبناء الدولة، وهو امر وصفته مصادر سياسية بارزة انها عناوين عامة لا يمكن البناء عليها، لان «الشيطان» يبقى في التفاصيل والتي تبدأ من اسم الرئيس.
باسيل لبري: لن «امشي» بفرنجية
ووفقا لمصادر عين التينة، فان بري يرى ان كثرة المبادرات يمكن ان تبرد الاجواء في البلاد، وهو يدعمها ويأمل نجاحها، وكشف ان باسيل ايّد الحوار «برئاستي ووافق على الآلية المقترحة، وهو تنازل عن بعض شروطه، وهو متقدم اكثر بمواقفه، ولم يطرح اي اسم من المرشحين. لكن عندما قال له بري «لو بتمشي بسليمان كنا خلصنا»، رد باسيل قائلا «لن امشي بفرنجية».
ووفقا لرئيس المجلس فان «الكل يعرف قواعد الحوار الذي طرحته، وانا استطيع ان افتح 4 دورات او اكثر، وافتح المحضر بالجلسة نفسها للانتخاب؟!. ووفقا للمعلومات، فان «بري يصر على أن يسبق أي انتخاب لرئيس الجمهورية حوار يترأسه بنفسه». اما قول البعض إنه لن يشارك في حوار يترأسه برّي فهو «كلام معيب».
لا مبادرة رئاسية؟!
وبعد اللقاء، قال باسيل انه «تم التطرّق إلى التشريعات الضرورية وأهمية المناقشة بها، وأكدنا عدم ربط الملف الرئاسي بما يحدث في الجنوب والمنطقة». وأكد أنه «لا يمكن النجاح بإنتخاب رئيس الا بالتفاهم، ومن هنا فكرة التشاور او الحوار للوصول الى رئيس توافقي». أضاف: «أنا لا احمل مبادرة وهذا ليس عملي، بل مسؤوليتنا السعي مع الجميع عندما نرى فرصة مهما كان حجمها لتأمين الاستحقاق الدستوري». ورد باسيل على فرنجية، قائلًا: «من يريد أن يطرح نفسه رئيساً أو جعجع «بدكن يعرف يحسب صحّ ويعرف مين الأول، كنا بواحد ما بيعرف يعدّ صرنا بتنين».
لا ثقة بين «التيار» و»القوات»!
في المقابل، لفتت مصادر مطلعة الى ان «القوات اللبنانية» ابلغت باسيل بأنّها لن تقبل باي حوار يترأسه برّي، ولفتت الى ان موقفها ثابت حول رفض هذا الأمر، وهي ترى ان باسيل يُحاول أن يكون «بيضة القبان» في اللعبة السياسية اليوم، وهو دور يحمل الكثير من «الانتهازية»، ولهذا الثقة معدومة. وقد التقى نواب من تكتل «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل نواب من المعارضة في «بيت الكتائب المركزي» في الصيفي، بحضور رئيس الحزب سامي الجميل.
ماذا قال باسيل للمعارضة؟
ووفقا للمعلومات، قال باسيل لنواب المعارضة إنّ هناك حلّين إمّا الذهاب إلى التشاور سويًّا، وانتزاع ضمانة من برّي بعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس، أو الاتفاق على المواجهة بمختلف السبل المتاحة، أمّا رفض الحلّين فهو تثبيت للوضع الذي يفرضه «الثنائي الشيعي». وفيما قال الجميل انه يدرس موضوع ترؤس بري للحوار، ابلغ النائب غسان حاصباني المجتمعين بان «القوات» لن تسمح بعرف جديد يكون فيه رئيس مجلس النواب «مرشدا اعلى» للجمهورية، واي حوار وتشاور يمكن ان يكون ثنائيا او اكثر، لكن لا طاولة للحوار برئاسة بري!. اما إذا أصر برّي على الحوار فليدعُ الى حوار بمن حضر، ومن يُريد المشاركة فليفعل، ولكنّنا لن نسجّل ذلك على أنفسنا ، ولا نقبل بضمانات تُكرّس أعرافاً مخالفة للدستور والضمانة الوحيدة الالتزام بالدستور.
الجميل: لا استسلام!
في هذا الوقت، واصل وفد «اللقاء الديموقراطي» جولته على القوى السياسية، والتقى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، الذي قال بعد اللقاء «أن الكتائب لا تنتظر نتائج حرب ولا تراهن على أي شيء من الخارج، انما يهمنا انتخاب الرئيس في أسرع وقت». وعبر عن جاهزيته « لتخطي الشكليات شرط الا تخالف الدستور». وسأل: «هل هناك ضمانة في المضمون تؤكد انسحاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجيه والبحث بأسماء أخرى»؟ وقال «لسنا مستعدين لدفع ثمن انسحاب فرنجيه قبل البدء في الحديث بالرئيس المقبل، واذا كان المطلوب فرض فرنجيه فلسنا في وارد السير في هذا الاتجاه». وردا على كلام فرنجية ، اقترح الجميل» انسحاب الأقطاب الأربعة من المعركة بدل الترشح». هذا ويزور «الاشتراكي» اليوم نواب «تحالف التغيير».
اسقاط «هرمز900»
ميدانيا، اسقطت المقاومة الاسلامية طائرة مسيرة «اسرائيلية هرمز 900» ، وهي الثالثة من نوعها فوق اجواء اقليم التفاح، وقد تم رصدها من قبل المقاومين وأسقطوها بصاروخ ارض جو. في المقابل اكد إعلام العدو إشتعال النيران في قاعدة عسكرية «إسرائيلية» مستحدثة قرب نهاريا بعد إنفجار طائرة بدون طيار، واكد مركز «زيف» الطبي في صفد عن إصابة 5 «إسرائيليين» نتيجة الهجوم، حيث اندلع حريق في المكان. فيما افيد عن اندلاع حريق داخل سفينة في ميناء حيفا، وبحسب الاعلام العبري، يجري التحقيق في الحادث.
وفي التفاصيل ، تمكنت الدفاعات الجوية للمقاومة من اسقاط مسيرة «اسرائيلية» قرابة الرابعة والثلث من عصر امس، وشاهدها ابناء منطقتي اقليم التفاح وجبل الريحان بالعين المجردة وهي تهوي في احراج منطقة الريحان والدخان ينبعث خلفها. واعلنت المقاومة الإسلامية انها كمنت لمسيرة من نوع «هرمز 900 « مسلحة كانت مجهزة بصواريخ لتنفذ بها اعتداءات على مناطقنا، وعند وصولها إلى دائرة النار استهدفها المجاهدون بأسلحة الدفاع الجوي قبل تنفيذ اعتدائها، وأصابوها إصابة مباشرة وتم إسقاطها. كما نفذ الطيران الحربي «الاسرائيلي» عدوانا جويا مستهدفا مكان وقوع المسيرة المعادية في مرتفعات جبل الريحان.
مسيرات المقاومة «تصول وتجول»
في المقابل، نجحت هجمات حزب الله بالمسيّرات في اصابة اهدافها امس، واستهدفت المقاومة موقع بياض بليدا بمسيّرة إنقضاضية أصابت أهدافها بدقة. كما شنت هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على مقر القيادة المستحدث التابع للفرقة 146 شرق نهاريا (الذي انتقل من منطقة جعتون بعد قصفه سابقاً)، مستهدفة أماكن تموضع واستقرار ضباط العدو وجنوده، وأصابها إصابة مباشرة، مما أدى لتدميرها واشتعال النيران فيها وإيقاع أفراد العدو بين قتيل وجريح».
واعلن حزب الله ايضا انه شن هجوما جويا بسرب من المسيّرات الإنقضاضية على مقر قيادي تابع لفرقة الجولان 210 شاعل، استهدف أماكن تموضع ضباط العدو وجنوده، وأوقع فيهم إصابات مؤكدة، كما تم تدمير جزء من المقر واشتعال النيران فيه.
فشل «القبة الحديدية»
اعلن جيش العدو الإسرائيلي «فشل محاولة اعتراض طائرتين مسيّرتين في شمال الجولان، ما أدى لانفجارهما واندلاع حريق في المكان. واشارت إذاعة الجيش «الإسرائيلي» الى «إشتعال النيران في قاعدة عسكرية «إسرائيلية» مستحدثة قرب نهاريا، بعد إنفجار طائرة بدون طيار. وتحدث عن «حرائق وأضرار إثر إطلاق 6 صواريخ مضادة للدبابات من لبنان باتجاه بلدات الجليل الأعلى.
وأعلنت وسائل إعلام «إسرائيلية» أن حزب الله أطلق ليل امس الاول مسيّرة، ونجح في بث القلق لدى ما يزيد على 200 ألف مواطن في عكا وهكريوت.
غارات جوية
وشن الطيران المعادي غارة مستهدفا بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل. وكذلك شن غارتين جويتين على دفعتين على بلدة عيتا الشعب. ونفّذ الطيران الحربي غارة على مشارف وادي هونين بين بلدتي حولا ومركبا، كما تعرضت منطقة المربعة في بلدة حانين – قضاء بنت جبيل لقصف مدفعي «اسرائيلي» متقطع، وطال القصف المدفعي ايضا بلدة ميس الجبل.
في المقابل، استهدف حزب الله مبنيين يتمركز فيهما جنود العدو في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة وأصابهما إصابة مباشرة، وأوقع الجنود بين قتيل وجريح. واستهدف ايضا موقع الرادار في مزارع شبعا، كما استهدف مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة يرؤون بالأسلحة المناسبة، وأصابه إصابة مباشرة وأوقع من بداخله بين قتيل وجريح.
الاعلام «الاسرائيلي مُحبط»!
وفي تعبير عن العجز «الاسرائيلي» في مواجهة حزب الله، اشارت صحيفة «اسرائيل هايوم» الى ان النار في الشمال مستمرة وشديدة وفتاكة أكثر من أي وقت مضى، وقيادتنا السياسية والعسكرية تكتفي بتصريحات متبجحة وتهديدات عابثة، لم يعد أحد يتعاطى معها بجدية، لا عندنا ولا في لبنان أيضاً. فبعد كل شيء، كم مرة يمكن الإعلان أن صبرنا نفد، وأننا سنعيد لبنان إلى العصر الحجري؟!
تصريحات «فارغة»
واكدت الصحيفة، ان «إسرائيل» تواصل التصريحات الفارغة من مضمونها، وباتت أعمالها محدودة وحذرة، وتأتي كرد على هجمات العدو، وما يزال حزب الله بقوته. فبعد سبعة أشهر من القتال فقد فيها القتلى والجرحى، لكنه عثر على نقطة ضعف في منظومة الدفاع العسكرية «الإسرائيلية»، وهي صعوبة مواجهة المُسيرات. وبهذه الحلقة الضعيفة، يضرب بكل قوته ويهاجم أهدافاً في «الأراضي الإسرائيلية».
حزب الله حقق ما يُريده
وبرأي «اسرائيل هايوم» فان الضعف الذي تبثه القيادة «الإسرائيلية»، يشجع حزب الله على مواصلة عمله، مع ذلك تقول قيادات الحزب انها غير معنية بحرب شاملة، وكأن ما يحصل على الحدود الشمالية ليس حرباً؟… فبعد كل شيء، حقق حزب الله ما يريد، ولا يحتاج إلى تصعيد ينزع إنجازاته. وهو يسوق نفسه كدرع غزة بنجاحه في طرد عشرات آلاف «الإسرائيليين» من بيوتهم، وأخيراً كمن يهاجم أهدافاً «إسرائيلية» على طول خط الحدود.
خوف القيادة «الاسرائيلية»
وخلصت الصحيفة الى القول» يتملك القيادة «الإسرائيلية» خوف من حزب الله، وينتقل هذا الخوف إلى الجمهور بكامله. هذا خوف يشل القدرة على التفكير بمنطق وتفكر، أو من خارج الصندوق في كل ما يتعلق بكيفية التصدي لحزب الله ، وإنهاء الحرب التي يخوضها ضدنا في حدود الشمال. الردع «الإسرائيلي» يتآكل في ضوء عجز تبديه حكومة «إسرائيل» في حدود الشمال، مثلما في غزة أيضاً، لكن ما كان ممكناً ومرغوباً فيه في بداية الحرب، يصبح بالتدريج لا يطاق. هذا الواقع من حرب الاستنزاف في الشمال يجبي منا أثماناً متزايدة، ويقضم ما تبقى من قدرة ردع لدينا.
ازمة مالية تمنع الحرب؟
من جهتها، لفتت صحيفة «هآرتس» الى ان ازمة «اسرائيل» الاقتصاية تمنعها ايضا من شن حملة عسكرية على لبنان، وقالت انه بحسب التقديرات الحالية، كلفت الحرب في غزة الاقتصاد 250 مليار شيكل تقريباً حتى الآن، وهذا المبلغ يخلق فجوة كبيرة في ميزانية الدولة، وعجزاً بلغ في أيار 7.2 في المئة من الناتج المحلي، وقد يصل إلى 8 في المئة في هذه السنة. وسخرت الصحيفة من دعوات بن غفير وسموتريتش ونتنياهو، لشن حرب وعملية برية واسعة ضد حزب الله في الشمال. وقالت « ثمة ادعاءات عسكرية واستراتيجية مع وضد خطوة كهذه، لكن قبل ذلك يطرح سؤال: كم ستكلف هذه العملية، ومن أين ستأتي الحكومة بالأموال؟ الجواب المؤسف هو أن لا أحد يعرف. لأن الحكومة لم تعد خطة اقتصادية كهذه.
من اين تاتي الاموال؟
واضافت» قد تخطط «إسرائيل» لحرب جديدة، لكن ليس كيف، بل كم ستستغرق، هل ستكلف 100 مليار شيكل؟ 200؟ أكثر؟ حسب المعلومات المتوفرة عن قدرات حزب الله مقارنة مع قدرات حماس، وعن شبكة الأنفاق في لبنان، سيكون الثمن العسكري والاقتصادي أيضاً مرتفعاً، والعملية في لبنان ستكلف مليارات الشواكل، إلى جانب النفقات العسكرية المباشرة.
والجهة الوحيدة التي نشرت تقديراً اقتصادياً لهذا السيناريو هو معهد «اهارون للسياسة الاقتصادية» في كلية الاقتصاد في جامعة «رايخمان»، وبحسب تقدير المعهد، الحرب لبضعة أشهر في لبنان ستقود الدولة إلى نمو سلبي 2 في المئة في العام 2024. وبالتالي، خسارة بعشرات مليارات الشواكل في مداخيل الضرائب بسبب فقدان النشاطات الاقتصادية. والأمر الوحيد المؤكد أن خزينة الدولة سيكون فيها نقص لاحتياجات عملية برية في لبنان، يقدر بعشرات أو مئات مليارات الشواكل الأخرى. من أين ستأتي وزارة المالية بهذه الأموال؟