يعود رفع سن التقاعد الاختياري لأساتذة الجامعة اللبنانية إلى التداول، بعدما تقدمت كتلة «تحالف التغيير»، أخيراً، باقتراحَي قانون لرفع سن التقاعد في الجامعة والسلك الديبلوماسي، من 64 عاماً إلى 68.
وفي الأسباب الموجبة للقانون أنه يعزّز قدرة الجامعة على المنافسة الأكاديمية مع الجامعات الخاصة، بسبب تنامي خبرات الأساتذة في التعليم والبحث العلمي مع التقدم في السن، إضافة إلى أن الجامعة هي الاستثناء الوحيد للتقاعد المبكر في العالم.
إلا أن الاقتراح أثار ردود فعل متباينة في أوساط الأساتذة، إذ رأى فيه بعضهم أنه حلٌّ مجتزأ وهدف قصير المدى معزولاً عن الأمن الاجتماعي والوظيفي للأستاذ. وسألت الأستاذة في كلية الحقوق والعلوم السياسية، سابين الكك، عن «الجدوى التشريعية من اقتراح لا يندرج ضمن سياق دستوري واضح، وخطة إستراتيجية للجامعة، ولا يترافق حتى مع دراسة بالأرقام للكادر التعليمي، والحاجات الأكاديمية للجامعة من التفرّغ إلى تعيين العمداء، وتحديث الماسترات وغيرها».
وإذ رأت أنّ «النضج في المهنة له إيجابياته، لكن لا يجب أن يحجب نقطة مركزية وهي تجديد عنصر الشباب»، مشيرة إلى أن القسم الأكبر من الأساتذة يستفيد أكثر من مشروع إضافة 5 سنوات لدى التقاعد، لكون سنوات الخدمة لغالبية أساتذة الجامعة لا تتجاوز 30 سنة خدمة، بخلاف موظفي القطاع العام (التدريس في الجامعة يشترط حيازة الدكتوراه التي تستغرق وقتاً بعد الإجازة).
كذلك رأى أساتذة في الاقتراح «محاولة للإلهاء عن المطالبة بتحسين الوضع المادي للأستاذ الجامعي، وكان يفترض برابطة الأساتذة أن تطالب بقوانين لإدخال المساعدات والحوافز في صلب الراتب، بدل تسجيل إنجازات وهمية».
من جهة أخرى، «للجامعة مصلحة في السير بمشروع قانون تعديل سن التقاعد»، بحسب الأستاذ في كلية التكنولوجيا شادي خوندي، «لما يُسهم به في تحصين مستوى التعليم والبحث من جهة، والمحافظة على الأساتذة الذين تتلقّفهم الجامعات الخاصة بعد التقاعد، ولكونه يوفّر على خزينة الدولة»، لافتاً إلى أن حلول الجامعة اللبنانية في المرتبة الأولى على مستوى السمعة الأكاديمية، وفقاً لتصنيف «كيو اس» العالمي الصادر في نيسان 2024، يشير إلى المستوى الأكاديمي المتقدم للأساتذة ولما راكموه من خبرات.
وقال خوندي إنّ تطبيق قانون الموظفين (المرسوم الاشتراعي 112/1969) يلحق إجحافاً بأساتذة الجامعة بسبب عدم تساوي الأوضاع القانونية بينهم وبين موظفي القطاع العام.
ولذلك، يكون المعدّل العام لخدمة الأستاذ الجامعي 25 عاماً، «ويخرج من الخدمة العامّة وقد خسر بعضاً من حقه عند احتساب الراتب التقاعدي على أساس قاعدة (الراتب مضروباً بعدد سنوات الخدمة مقسوماً على 40، مضروباً بـ85%). كما أنّ عدداً كبيراً من الأساتذة ممّن لا ينهون 20 سنة خدمة، يخسرون الراتب التقاعدي وضمانات أساسية لدى بلوغهم سن التقاعد».
رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين انطوان شربل أكد أن «الاقتراح اختياري، ولا تعارض بينه وبين مشروع الخمس سنوات، وستعمل الرابطة لإقرار المشروعين بالتوازي»، كما «ستضغط لتحريك ملف التفرغ الذي هو حق للأستاذ والجامعة».
يستند المدافعون عن الاقتراح إلى أن الجامعة هي الاستثناء الوحيد للتقاعد المبكر في الدول العربية والغربية. ففي الولايات المتحدة، مثلاً، تُعتمد آلية التعاقد الوظيفي في الإدارات العامة باستثناء الجامعات، إذ يُعيّن الأستاذ لمدى الحياة. وأخيراً، اتجهت دول عدة مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان إلى رفع سن التقاعد.
وفي لبنان، لا يوجد سن لتقاعد الأساتذة في الجامعات الخاصة؛ ففي الجامعة الأميركية مثلاً، وبموجب تعديل عام 2016، يجري تثبيت الأساتذة لمدى الحياة ما دام الأستاذ يستطيع تأدية واجباته في التعليم والبحث. وفي جامعة بيروت العربية، أسوة بمصر وسوريا، يبقى الأستاذ في ملاك الجامعة حتى بلوغه الـ72 عاماً.