مقالات

قواعد الإشتباك” جنوبا باقية حتى إشعار آخر

أعلن وزير الدفاع الإسرائيليّ يوآف غالانت قبل فترة، أنّ تل أبيب انتقلت من الدفاع إلى الهجوم، في معاركها القائمة مع “حزب الله” منذ 8 تشرين الأوّل الماضي. ولكن، بحسب ما يجري في الميدان، فإنّ ما صرّح به الوزير الإسرائيليّ ليس دقيقاً، إذ إنّ “المقاومة” في لبنان هي التي تُبادر هجوميّاً، وتزيد من وتيرة قصفها للمستوطنات في شمال فلسطين المحتلة.

ولعلّ أبرز دليل على أنّ “حزب الله” هو الطرف المُهاجم، قيامه بفتح جبهة الجنوب في 8 تشرين الأوّل لمُساندة حركة “حماس” في غزة. ويقول محللون عسكريّون، إنّ إسرائيل لا تزال تفصل بين ما يحدث في جنوب لبنان، وبين ما يحصل في فلسطين، وتركيزها حاليّاً ينصبّ على الحرب في غزة، ورغبتها بدخول مدينة رفح، للقضاء على الفصائل المقاوِمة هناك، وفق تعبيرها.

ويُشير المحللون العسكريّون إلى أنّ إسرائيل غير قادرة على فتح جبهتين في الوقت عينه، لذا، هي مستمرّة بالهجوم في غزة، وتستعدّ للمعركة في رفح، فيما لا تزال تُدافع في الشمال، وتنتظر إنتهاء الحرب في فلسطين، كيّ تنتقل إلى الوضع الهجوميّ في جنوب لبنان، إنّ فشلت المساعي الدبلوماسيّة بالتهدئة.

ويرى المحللون أنّ ما تقوم به إسرائيل من قصف مُكثّف على المناطق الجنوبيّة، يُوضع في خانة الدفاع، إذ إنّ المتحدثين باسم جيشها، يقولون بصراحة خلال عرض مشاهد الإستهداف، إنّهم دمّروا على سبيل المثال منصات إطلاق صواريخ لـ”حزب الله”، أو ضربوا مواقع نفّذت “المقاومة” إنطلاقاً منها عمليّات عسكريّة ضدّ المواقع الإسرائيليّة.

ويُضيف المحللون العسكريّون أنّ مئات الآلاف من المستوطنين فرّوا من مستعمراتهم قرب الحدود مع لبنان، بسبب القصف العنيف من قبل “حزب الله”، بينما يتّهمون حكومتهم بأنّها غير قادرة على حمايتهم، وليس لديها خطّة واضحة للتعامل مع ما يجري مع “المقاومة الإسلاميّة”. ويقول المحللون إنّ إسرائيل ضعيفة حتّى في الدفاع عن مواطنيها في الشمال، و”الحزب” يستغلّ عدم قدرتها على فتح جبهتين، ويزيد من وتيرة قصفه لها، إنّ بالصواريخ، وإنّ بإدخال طائرات مسيّرة جديدة إلى الميدان، وخصوصاً تلك المسلّحة بصواريخ ثقيلة.

وبرز من جانب العدوّ الإسرائيليّ، قيامه بعمليّات إغتيال لافتة لعناصر بارزين في “حزب الله” ومن “حماس” وغيرهم من الفصائل المقاومة في لبنان، وكان آخرها ما حصل في منطقة مجدل عنجر يوم الجمعة الماضي. ويعتبر المحللون العسكريّون أنّ هذه الإغتيالات تُنفّذها إسرائيل للدفاع عن نفسها، عبر الحدّ من قوّة وخبرة “الحزب” وحركة المقاومة الفلسطينيّة، لإضعاف قدراتهما لعدم استهدافها، والقضاء على أبرز الشخصيّات التي تُخطّط لإطلاق صواريخ باتّجاهها

ويوضح المحللون أنّ هناك عمليّات هجوميّة لافتة يقوم بها “حزب الله”، منذ بدء الحرب على غزة، والمعارك في جنوب لبنان، وهي استهدافه مواقع الرادار التابعة للعدوّ الإسرائيليّ، وكلّ ما له علاقة أيضاً بالتجسس ومراقبة المناطق الجنوبيّة، وآخر هذه الإستهدافات قصف “المقاومة” المنطاد الإسرائيليّ في الجليل الغربيّ. ويُتابع المحللون أنّه بإسقاط هذا البالون المُخصّص للتجسس ومراقبة المسيّرات التي يُطلقها “الحزب”، فإنّ الأخير أصبح مرتاحاً أكثر في القيام بعمليّات جويّة هجوميّة، وإلحاق خسائر أكبر في صفوف العدوّ.

ويتوقّع المحللون العسكريّون أنّ يبقى الوضع في جنوب لبنان على ما هو عليه في الوقت الراهن، أيّ أنّ “حزب الله” يُهاجم وفق “قواعد الإشتباك”، والعدوّ الإسرائيليّ يردّ بالطريقة عينها. ويُشيرون إلى أنّه حين تُقرّر إسرائيل الهجوم، فإنّ ذلك سيكون قد أتى بعد فشل المفاوضات الدبلوماسيّة، وانتهاء الحرب في غزة، وتوجّه الحكومة الإسرائيليّة إلى التصعيد مع لبنان، عبر إعلان الحرب.

كارل قربان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى