عناوين الصحف

الاخبار: مفاوضات غزة: ساعات العضّ على الأصابع حماس تطلب انسحاباً يشمل وادي غزة وضمّ تركيا كضامن | «وديعة بلينكن»: نضمن عدم عودة اسرائيل إلى الحرب

تتقلّب أحوال المفاوضات غير المباشرة، بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، بشكل سريع وأحياناً غير متوقّع.

ينبع ذلك أساساً، من حساسية المفاوضات والشأن الذي تدور حوله، وما سينتج عنها من وضعيات أمنية وسياسية ستترك آثارها الواضحة على المنطقة، وربما العالم، لسنوات عديدة مقبلة، إضافة الى كون المفاوضات تعاني من هشاشة بالغة، وهي تجري تحت ضغط الحديد والنار، والتهديد بالمزيد، ووصول جميع الأطراف إلى ما يمكن اعتبارها الحلقة الأخيرة من الحرب في قطاع غزة، وهي عملية رفح.إلى جانب ذلك، بلغت جبهات أخرى مع العدو الإسرائيلي، وخصوصاً الجبهة الشمالية، مبلغاً متقدّماً في احتمال تحوّلها إلى حرب شاملة كبرى، قد تصبح معها اليوميات الدامية في قطاع غزة، تفصيلاً على هامش الصورة.

كذلك، تيقّنت الأطراف جميعها، كل من موقعه وموقفه، أن لا حلّ للتصعيد الإقليمي، ولا سبيل لتحقيق «الاستقرار في الشرق الأوسط»، كما يعبّر عنه الأميركيون، سوى بإنهاء الحرب في غزة، عبر مدخل إلزامي، فرضته المقاومة الفلسطينية بصمودها طوال نحو 7 أشهر من القتال، وتشدّدها في الموقف التفاوضي، عنوانه: صفقة تبادل أسرى.

هذه الرؤية، لا تبدو أوضح منها في «البيت الأبيض»، حيث «يعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن، التوصّل إلى وقف إطلاق النار، حاسماً في استراتيجية أوسع داخلياً وخارجياً» وفق مسؤولين أميركيين تحدثوا إلى موقع «أكسيوس»، وأضافوا أن «البيت الأبيض يرى أن وقف إطلاق النار كجزء من صفقة تبادل، سيطفئ حرائق أخرى في المنطقة»، والأهم أنه «قد يبعد إسرائيل وحزب الله عن حافة الحرب»، وفق قول المسؤولين.

كذلك، رأت مديرة «المخابرات الوطنية الأميركية»، أفريل دانيكا هاينز، في شهادة أمام «الكونغرس» أمس، أن «الصراع في غزة، هزّ منطقة الشرق الأوسط، وتسبّب في تحديات أمنية وإنسانية جديدة»، مرجّحة أن «تحدّد كيفية حلّ الصراع في الشرق الأوسط مستقبل الإقليم لعقود».

وبناءً على كل ما سبق، وبعدما كان متوقّعاً أن تردّ حركة «حماس»، ليل أمس، على المقترح الإسرائيلي الذي وصلها قبل أسبوع، طلب الوسطاء في مصر وقطر، من الحركة، أن تُمهلهم مزيداً من الوقت، قبل أن ترسل ردّها. حيث تلقّى الوسيطان القطري والمصري، ومن خلفهما الأميركيون، إشارات واضحة بأن موقف «حماس»، من المقترح الذي وصلهم قبل أسبوع، «سلبيّ»، وهو غير مقبول بصيغته التي وصلتهم. وكان ذلك دافعاً لأن تشهد الساعات الـ48 الماضية اتصالات مصرية -إسرائيلية – أميركية، لمنع انهيار المفاوضات وسعياً للتوصّل إلى صيغة مقبولة لدى المقاومة والعدو. وللغرض نفسه، «حصلت القاهرة على وعد إسرائيلي بإرجاء البدء في أي عملية عسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة، على الأقلّ حتى نهاية الأسبوع المقبل»، وفق مصادر مصرية تحدّثت لـ«الأخبار».

البيت الأبيض يرى أن وقف إطلاق النار في غزة سيطفئ حرائق أخرى في المنطقة

وعُلم أن وفداً من حركة «حماس»، برئاسة خليل الحية، سيتوجّه مجدداً إلى القاهرة، حاملاً المقترحات المطلوب تعديلها في مقترح الولايات المتحدة ومصر.
وقالت مصادر معنية بالمفاوضات، لـ«الأخبار» إن «حماس تريد تأكيداً على انسحاب كامل لقوات الاحتلال من جميع مناطق القطاع، وخصوصاً من وادي غزة أو ما يُعرف بمنطقة نتساريم»، وإن «هذا الانسحاب يجب أن يكون في أقرب وقت، مع ضمان الحرية الكاملة للتحرك بين شمال وجنوب القطاع، وبصورة غير مقيّدة لأحد من أبناء القطاع، إضافة الى إلغاء الفقرة في المقترح، التي تتحدّث عن مدنيين وعسكريين».

إلى جانب ذلك، تطالب المقاومة «بعدم تواجد أي جهة غير فلسطينية على كامل أراضي القطاع. على أن يكون الانسحاب شاملاً من كل القطاع، بما في ذلك الشريط الملاصق لغلاف غزة، في وقت قريب من نهاية المرحلة الأولى».

أما البند الثاني والأهم، فهو المتعلّق بـ«وقف شامل لإطلاق النار». وفيما قالت المصادر نفسها، إن هناك ما يمكن تسميته بـ«وديعة أميركية – مصرية»، تُعرض على «حماس»، أن تضمن الولايات المتحدة ومصر عدم عودة العدو إلى الحرب على القطاع بعد انتهاء الهدنة، طالبت «حماس» بأن تكون «الإشارة واضحة إلى هذا البند».
كما طالبت بأن «تكون تركيا طرفاً ضامناً في الاتفاق، وعدم اقتصار الدول الضامنة على قطر ومصر والولايات المتحدة، خصوصاً أن واشنطن، قبل تل أبيب، رفضت أن تكون روسيا طرفاً ضامناً».

وبحسب المصادر، فإن «الجانب المصري يتولّى حالياً أعلى موجة من الضغوط على حماس»، زاعماً أن الموقف الأميركي «مناسب» كون «الولايات المتحدة معنية جداً بالتوصّل إلى اتفاق، وأنها تواصل الضغط على حكومة نتنياهو، حتى من جهة الإشكالات الآيلة إلى التوسّع داخل حكومته، وداخل الجيش أيضاً».
كذلك، تروّج القاهرة إلى أن «واشنطن لا تريد أن تشنّ إسرائيل عملية رفح، لأنها تنعكس مزيداً من الحرج للإدارة الأميركية على مستوى الجمهور، حيث بات وقف الاحتجاجات الطالبية هدفاً رئيسياً لدى إدارة بايدن».

إضافة إلى ذلك، قالت المصادر إن «الساعات المقبلة سوف تكون حاسمة، لأن الأميركيين يتحدثون عن ضمانات بعدم العودة إلى الحرب، إن وافقت حماس على الهدنة»، وأنه «لا يمكن الضغط على إسرائيل أكثر مما هو الآن».
بينما نُقلت إلى الوسطاء أجواء قيادة المقاومة في غزة، والتي تقول إن «الضمانات لوقف الحرب وانسحاب كل قوات الاحتلال وضمان حرية التنقل، شروط أساسية، ولا يمكن تجاوزها».

وكانت حركة «حماس»، أعلنت أمس في بيانين منفصلين، أن رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بشأن المفاوضات. وبحسب بيانَي الحركة، فقد ثمّن هنية الدور الذي تقوم به مصر وقطر، وأكّد على الروح الإيجابية عند الحركة في دراسة مقترح وقف إطلاق النار. وكذلك أكّد هنية قدوم وفد الحركة إلى القاهرة، في أقرب وقت لاستكمال المباحثات.

تفاصيل زيارة بريطانية سرية للسراي واليرزة: نشر أبراج المراقبة جنوباً شرطٌ للحل مع إسرائيل

ابراهيم الأمين

التنافس القائم بين فرنسا من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى، يبدو ظاهرياً وكأنه تتويج لمساعٍ هدفها حماية لبنان وسيادته وضمان استقراره. لكنّ المداولات والأوراق التي يتم إعدادها ورميها فوق طاولات الاجتماعات، لا تعكس سوى هدف واحد لدى كل المتنافسين: كيف نضمن أمن إسرائيل؟في لبنان، يتّكل الغربيون على ما يعتقدون أنه تناقض جوهري بين القوى اللبنانية حول الموقف مما يجري على الجبهة الجنوبية. لكنّ الحيرة تعتري الدبلوماسية الغربية.

فهي، من جهة، لا تنوي استفزاز حزب الله وتريد إبقاء القنوات مفتوحة معه، سواء مباشرة كما يفعل الفرنسيون، أو بصورة غير مباشرة كما يفعل الأميركيون والبريطانيون.

حتى إن أعتى داعمي العدو، الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين، ردّد في أكثر من مناسبة أن التسوية المنشودة تتطلّب عدم استفزاز الحزب داخلياً، وهو ما تحوّل إلى «تعليمة» انعكست خفضاً في سقف مواقف خصوم المقاومة. وحتى عندما تبدّل الأمر قليلاً، جاءت النتيجة معاكسة، كما بعد اجتماع معراب الأخير.

على المستوى الرسمي، يتولى الرئيس نبيه بري القسم الأساسي من المفاوضات، مستنداً إلى تفويض من حزب الله، إضافة إلى تفويض مختلف لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب.

والخلاصة أن الموقف الرسمي للدولة اللبنانية لا تتم صياغته بعيداً عن التنسيق المفتوح بين حزب الله وهذه الجهات الثلاث. ورغم أن الحزب لا يزال يستقبل موفدين فرنسيين، وآخرين غربيين وأمميين يعرضون خدماتهم، ولا يقفل الباب أمام الفرنسيين، إلا أنه يعرف أن المفتاح لا يزال بيد الأميركيين.

وموقفه النهائي والحاسم أن لا نقاش حول وضع الجبهة اللبنانية إلا بعد إعلان فصائل المقاومة في فلسطين (وليس أي أحد آخر) انتهاء الحرب على غزة.

ورقة هوكشتين وأبراج بريطانيا

بحسب مصادر معنية بالمفاوضات الجارية، فإن هوكشتين الذي زار لبنان أقل مما زار إسرائيل منذ اندلاع المواجهات، بات على قناعة بأن الحل في لبنان لن ينطلق قبل وقف إطلاق النار في غزة.

وهو يعمل وفق منطق إعداد آلية لمعالجة الوضع تكون جاهزة للتنفيذ بمجرد إعلان وقف الحرب في غزة. وتقوم مناورة هوكشتين وغيره من داعمي إسرائيل، على انتزاع موافقة لبنانية على إجراءات مباشرة في حال الإعلان عن هدنة في القطاع، على قاعدة أن تتحول هذه الإجراءات إلى خطة غير قابلة للخرق، ما يعني أنه في حال استأنف العدو حربه على غزة، لا يمكن فتح جبهة الإسناد اللبنانية مجدداً.

وانتهت أفكار الموفد الأميركي أخيراً في ورقة وُزّعت على إطار ضيق جداً، وأحيطت تفاصيلها بكتمان شديد. ويتحدث من اطّلعوا عليها عن نقاط شديدة الخطورة، تتجاوز طلب سحب قوات المقاومة، وعلى رأسها قوة الرضوان، بين 7 و10 كيلومترات شمال الحدود، إلى لائحة إجراءات ميدانية محددة تتعلق بطريقة انتشار الجيش وضمان عدم بقاء أي وجود لبنى تحتية أو لمقاتلين من المقاومة تحت أي غطاء، مع تعزيز دور القوات الدولية العاملة في الجنوب، بما يسمح لها بقمع أي حركة عسكرية. بمعنى آخر، إزالة أي تهديد لأمن إسرائيل التي تريد ضمانات تسمح لها بإعادة المستوطنين إلى مستعمرات الشمال.

أما ما تحدّث عنه هوكشتين سابقاً عن إقفال ملف «النزاع الحدودي»، فقد أصبح يقول صراحة إن ذلك لا يشمل مزارع شبعا المحتلة التي يبقى مصيرها رهن تطورات تخص في جانب منها سوريا، وإن الأمر يقتصر على تسوية النزاع على نقاط برية من بينها نقطة B1 عند رأس الناقورة أو معالجة تحرير الجزء الشمالي من قرية الغجر.

الورقة الفرنسية لإرضاء إسرائيل وهوكشتين يقترح إجراءات تطيح السيادة اللبنانية

وفد بريطاني في بيروت سراً

ولا تكتفي واشنطن بما تطرحه من متطلبات على الأرض، بل تحاول تنفيذ مناورات استطلاعية عبر حليفتها الأبرز، بريطانيا، التي أعدّت بدورها مقترحاً لفرض إجراءات رقابية على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، وحاولت تمرير أفكاره عبر اتصالات جانبية مع الجيش اللبناني، قبل أن تقرر إبلاغها إلى الحكومة اللبنانية رسمياً.

فقبل نحو أسبوعين، زار بيروت سراً وفد رسمي بريطاني ضمّ مسؤولاً عن الشرق الأوسط في وزارة الخارجية وضابطاً رفيعاً من الاستخبارات الخارجية البريطانية، والتقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير الاستخبارات العميد طوني قهوجي.

وعلمت «الأخبار» أن الوفد أثار مع رئيس الحكومة ملف أبراج المراقبة على الحدود الجنوبية، وأبلغه بلهجة فوقية أن «إقامة الأبراج، واتخاذ إجراءات على طول الحدود هما شرط إسرائيل لوقف الحرب مع لبنان».
ووفق ما تسرّب عن لقاءات الوفد، طلبت لندن من الجيش اللبناني الموافقة على خطة لإقامة أبراج مراقبة على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، مماثلة لتلك القائمة على الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا. وبحسب المقترح البريطاني، فإن خارطة نشر الأبراج تفرض الآتي:

أولاً: إن نصب الأبراج مرتبط بالجغرافيا الجنوبية، بهدف تأمين تغطية لكل الحدود من رأس الناقورة حتى مزارع شبعا، على أن لا تفصل بينها مسافات موحّدة، بل يُترك الأمر لمتطلبات التغطية التقنية، حتى لو اقتضى ذلك إقامة أبراج قريبة، بعضها من بعض.

ثانياً: يقيم الجيش اللبناني مواقع عسكرية محصّنة على طول الحدود، ويكون كل برج من أبراج المراقبة داخل أحد هذه المواقع، ما يعني أن الأبراج ستكون حتماً داخل الأراضي اللبنانية، كما أن الكاميرات التي سيتم زرعها فيها ستكون موجّهة نحو الحدود اللبنانية بما يضمن عدم حصول أي تسلل عبر الحدود نحو فلسطين المحتلة.

ثالثاً: يعدّ الجيش اللبناني خطة لنشر 15 ألف عسكري في المنطقة الحدودية، ويتكفّل بإزالة ومنع أي نوع من أنواع المظاهر العسكرية لأي جهة غير الجيش أو قوى الأمن الداخلي.

رابعاً: يوفّر «المجتمع الدولي» مساعدات للجيش اللبناني في حال التزم بهذه الخطة، وتكون المساعدات موجّهة حصراً للقوات العاملة على طول الحدود مع لبنان.

فرنسا: التفتوا إلينا!

وفي وقت يتناغم الجانبان البريطاني والأميركي بتنسيق رفيع المستوى مع إسرائيل، تطل فرنسا برأسها ساعية إلى دور وحضور في الميدان.
ورغم أن باريس تدرك أن الجميع يعرف أن قدرتها على الضغط على إسرائيل محدودة جداً، وبالتالي لا يُعوّل عليها لانتزاع تغييرات في موقف العدو، إلا أنها تصرّ على ارتكاب الخطأ نفسه، إذ تحاول الإيحاء للحكومة اللبنانية ولحزب الله بأنها الطرف الوحيد الذي يتحدث مع المقاومة مباشرة، غافلة عن أن لبنان والمقاومة آخر من يهتمّ لدور فرنسي في المنطقة وفي لبنان على وجه التحديد. وفي الوقت نفسه، يركّز الفرنسيون على سبل إرضاء العدو من خلال مقترحات ومواقف تصبّ جميعها في خدمة أمن إسرائيل.

وسبق أن سلّم لبنان الفرنسيين، منتصف آذار الماضي، رداً رسمياً على ورقتهم الأولى تضمّن رفضاً لمقترحاتهم التي لا تلبي مصلحة لبنان في وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحاب العدو من الأراضي المحتلة وضمان وقف الخروقات، وأكّد الفرنسيون يومها أن ورقتهم مجرد أفكار مطروحة للنقاش. لكنهم عادوا وأرسلوا ورقة لا تختلف في جوهرها عن الورقة السابقة، بقيت في إطار توفير الضمانات التي تناسب العدو، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن موقف لبنان منها لن يختلف في جوهره عن موقفه من الورقة الأولى.

حزب الله الذي تسلّم نسخة عن الورقة الجديدة قرّر مواصلة استراتيجية الصمت وعدم الدخول في نقاش حول ما يريد فيها من أفكار ومقترحات، وأبلغ الفرنسيين في اجتماعات مباشرة بأنه غير مستعدّ لأي نقاش قبل وقف الحرب على غزة، وأنه منفتح على أي نقاش في ما خصّ الوضع جنوباً بعد ذلك. لكنّ الفرنسيين، حاولوا هذه المرة، بالتعاون غير المباشر مع الأميركيين والبريطانيين، الضغط على لبنان الرسمي والسياسي تحت عنوان «ضرورة فصل جبهة لبنان عن غزة»، وجاراهم الرئيس ميقاتي في الأمر قليلاً، متعمّداً إظهار تمايزه في لقاء أخير مع نواب من لجنة الشؤون الخارجية.

غير أن ميقاتي كما الرئيس بري، أكدا للجانب الفرنسي أن لبنان يرحب بالدور الفرنسي، وأن الأساس يبقى إنهاء الحرب على غزة كمدخل واقعي للبحث في حل مع لبنان. علماً أن فرنسا كرّرت خلال الأيام الماضية أن ما تطرحه قابل للتعديل متى ما جرت الموافقة على المبدأ.

يشار إلى أن لبنان تسلّم رسمياً الورقة الفرنسية التي أُعدّت بنسخة فرنسية تُرجمت إلى الإنكليزية ووُزّعت على الرئيسين بري وميقاتي والوزير بوحبيب إضافة إلى قائد الجيش وحزب الله.

ديموقراطية أميركا تحت قدمَي إسرائيل

كما كان متوقّعاً، باشرت جامعات أميركية عدة، وفي مقدّمها «تكساس»، و«فوردهام»، و«أريزونا»، و«ويسكونسن ماديسون»، وبتشجيع ضمني من السلطات الفيدرالية، ما كانت قد توعّدت به من إجراءات قمعية بحق طلابها المشاركين في الاحتجاجات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، والمطالبة بقطع العلاقات الأكاديمية والاستثمارية بين جامعاتهم وكيان الاحتلال الإسرائيلي، ووقف تمويل «الإبادة الجماعية» في غزة. وعكس أحدث فصول قمع الاحتجاجات الطالبية، وتحديداً في جامعتي «كاليفورنيا» في لوس أنجليس و«كولومبيا» في نيويورك، والتي تجاوزت حصيلتها 1700 معتقل في نحو 30 حرماً جامعياً في مختلف أنحاء البلاد منذ بدء «الحراك الطالبي» أواسط الشهر الماضي، من بينهم 300 من «جامعة كولومبيا» و«كلية نيويورك»، شكلاً من أشكال التواطؤ بين الإدارة والكونغرس من جهة، وبين إدارات تلك الجامعات من جهة ثانية.

وفي الوقت نفسه، حمل إصرار المحتجين على مطالبهم، سواء في «جامعة كولومبيا» أو في جامعات أخرى كـ«معهد ماساشوستس للتكنولوجيا»، الذي شهد أخيراً فشل اجتماع بين رئيسته ووفد الطلاب، مؤشراً إلى الارتدادات العكسية للنهج الأمني في التعامل مع الاحتجاجات.

من «كولومبيا» إلى «كاليفورنيا»… ما الذي جرى؟

بعد يوم واحد من قمع الطلبة المؤيدين لفلسطين في «جامعة كولومبيا» و«كلية نيويورك»، وسط تعتيم إعلامي واسع، وتحديداً خلال الساعات الأولى من ليل الثلاثاء – الأربعاء، حذت إدارة «جامعة كاليفورنيا» حذو زميلتيها، مفضّلة خيار استدعاء الشرطة على أمل وضع حد للاحتجاجات الطالبية داخل باحاتها. وفور صدور قرار الاستدعاء، شرعت لوس أنجليس في تعزيز انتشارها في حرم «كاليفورنيا»، استعداداً لفض خيم الاعتصام الداعم لغزة بالقوة، بدعوى رفض الطلاب نداءات رئاسة الجامعة لتفكيك تلك الخيم. ووفق بعض المراقبين، فإنّ ما بدا مريباً، خلال «مشهدية القمع» والتي جاءت أيضاً بحجة فضّ الاشتباكات بين المتظاهرين أنفسهم، هي أنها أعقبت هجوماً ليلياً، نفّذته مجموعة كبيرة من الأشخاص الملثّمين الداعمين لإسرائيل، ممن قدموا من خارج الجامعة، ضد أحد مخيمات المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، وسط تساهل الشرطة في ملاحقة هؤلاء المتسلّلين، وفي حماية المعتصمين.

والمفارقة، أنّ الرئيس التنفيذي للجامعة، جين بلوك، كان قد حذّر، في وقت سابق، من وجود أشخاص غير منتسبين إلى الجامعة في الفعاليات الطالبية في باحاتها، وهو ما فُهم في إطار تحضير الأرضية مسبقاً من قبل إدارة الجامعة لتبرير ما جرى.

على أن ما شكّل علامة فارقة في «معركة الإرادات» الدائرة في جامعات الولايات المتحدة، هو إعلان إدارة «جامعة براون» في ولاية رود آيلاند التوصل إلى اتفاق مع الطلبة المحتجين، يقوم على أن يبادر هؤلاء إلى تفكيك مخيّمهم الاحتجاجي في مقابل تنظيم الجامعة عملية تصويت على «سحب استثمارات براون من شركات تسهّل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة»، وفق بيان رسمي صادر عن الجامعة.

رأى ترامب أنّ «نيويورك كانت تحت حصار الليلة الماضية»، مثنياً على حملة الاعتقالات الواسعة في صفوف الطلبة

تغطية الإدارة والكونغرس محاصرة «الحراك الطالبي»

على الرغم من ادّعائها دعم ما سمّته «حق الأميركيين في الاحتجاج والتظاهر السلمي»، اعتبرت الناطقة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، أن سيطرة الطلاب على مبنى، كما حصل في «جامعة كولومبيا» في مدينة نيويورك، «لا تُعد احتجاجاً سلمياً»، وفق تعبيرها.

وفي السياق ذاته، أقرّ مجلس النواب الأميركي، وبتأييد غالبية أعضاء الحزبين الجمهوري والديموقراطي، «مشروع قانون التوعية بمعاداة السامية»، ليصار إلى تحويله إلى مجلس الشيوخ للنظر فيه، قبل عرضه على الرئيس جو بايدن لتوقيعه ونشره، علماً أنّ المشروع الذي قدّمه النائب الجمهوري عن ولاية نيويورك، مايك لولر، لاقى ردود فعل متباينة في أوساط النخبة السياسية والناشطين الحقوقيين، بين من يؤيده بدعوى أنّه يتيح التصدي لموجة متصاعدة مما يُسمّى «معاداة السامية» في المؤسسات التعليمية داخل الولايات المتحدة، ومن يعارضه لكونه يضع قيوداً على حرية التعبير المكفولة بالدستور، وبخاصة حين يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل، علماً أنّ مشروع القانون المذكور يتبنى التعريف الفضفاض المُعتمد لـ«معاداة السامية» من قبل ما يُعرف بـ«التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة»، ذي الميول الصهيونية.

وانسحب النقاش حول «معاداة السامية»، وما رافقه من استدعاءات بالجملة من جانب إدارات جامعات أميركية مختلفة لأجهزة الشرطة من أجل فضّ الاعتصامات الطالبية القائمة في حرمها، على «الحرب الكلامية» المستمرة بين الطلبة وإدارات تلك الجامعات. فمن جهتها، رأت أوساط طالبية أن واقعة اقتحام الشرطة مبنى هاميلتون في جامعة «كولومبيا»، واعتقال جميع المحتجين داخله، قبل ترحيلهم على متن باصات تابعة لشرطة نيويورك أُحضرت مسبقاً، تندرج ضمن ما سموه «الحملة الممنهجة» لشيطنة التظاهرات الداعمة لغزة، مؤكّدة تحميلها رئيسة الجامعة، منيرة شفيق، المسؤولية عن تعنيف المتظاهرين خلال حملة أمنية دامت لنحو 3 ساعات، وتخللتها فترة احتجاز لمدة طويلة في إحدى قاعات الجامعة، فضلاً عن البطء في إجراءات الاعتقال والترحيل. كما حمّلتها المسؤولية عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بمباني «كولومبيا» خلال اقتحام «وحدة الاستجابة الاستراتيجية» التابعة لشرطة نيويورك لها، وهي خلاصة الموقف نفسه الصادر عن هيئة التدريس في الجامعة.

في المقابل، ركّزت إدارة الجامعة على تبرير قرار استعانتها بالشرطة، عبر توجيه الاتهامات للطلاب بتصعيد الوضع. وقالت شفيق إنّه «يؤسفني أننا وصلنا إلى هذه النقطة»، مدافعةً بأنّ «أعمال التدمير» الأخيرة التي أقدم عليها من سمّتهم «طلاباً وناشطين من خارج الجامعة»، استدعت اللجوء إلى الشرطة.
وأشارت رئيسة «جامعة كولومبيا» إلى أنّ المتظاهرين يكافحون «من أجل قضية مهمة»، معربة في الوقت نفسه عن استنكارها «التصريحات المعادية للسامية» التي صدرت خلال الاحتجاجات الطالبية، على حدّ زعمها. ومن بين المواقف «المُهلّلة» لما شهدته باحات «كولومبيا» وقاعاتها، ما جاء على لسان عمدة نيويورك، إريك آدامز، الذي تباهى بإزالة شرطة المدينة العلم الفلسطيني من التظاهرات.

وبدوره، اعتبر المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، أنّه «كان من الممتع مشاهدة» شرطة نيويورك وهي تداهم أحد مباني الجامعة التي أقام فيها طلاب متضامنون مع غزة، واصفاً المتظاهرين بأنهم «طائشون غاضبون ومتعاطفون مع حماس».

ورأى ترامب، في خطاب أمام تجمع انتخابي لأنصاره في ويسكونسن، أنّ «نيويورك كانت تحت حصار الليلة الماضية»، مثنياً على حملة الاعتقالات الواسعة في صفوف الطلبة المحتجين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى