ليس خافياً على أحد، أن المستفيد الأكبر من عودة نشاط تنظيم داعش الوهابي الإرهابي في سوريا والعراق والجمهورية الإسلامية في إيران وفي تركيا وروسيا، مصلحة أمريكية وإسرائيلية كبرى، قد تمكّنهما من صرف الأنظار العالمية (الغربية تحديداً)، عن متابعة ما يجري من تطورات على صعيد عدوانهما المشترك على غزة، المستمر منذ ما يزيد على 6 أشهر.
وقد حاولت إسرائيل بتبنٍ أعمى من الإدارة الأمريكية، منذ الـ 7 من تشرين الأول / أكتوبر 2023، استثمار تأثير مصطلح “داعش”، لمحاولة تشويه صورة المقاومة الفلسطينية (من خلال رفع شعار حماس هي داعش). لكنها على عكس ما تريد، باتت لدى الرأي العام الدولي هي التي تشبه التنظيم الإرهابي بل وتتفوق عليه بالإجرام، فيما تدعمت شرعية المقاومة الفلسطينية وخاصةً حماس، وزاد التعاطف العالمي تجاههم وتجاه قضيتهم وتجاه الإسلام.
وعليه فإن المصلحة الأمريكية الإسرائيلية تقتضي، بأن تعود داعش الى النشاط من جديد، لإلهاء الرأي العام الدولي من جديد حول قضية مشتركة، من خلال تنفيذ الإرهابيين لعمليات “نوعية” في أماكن وساحات تساعد على تحقيق الهدف. وهذا ما يمكن تلمسه من الأحداث الإرهابية التي وقعت مؤخراً في إيران وروسيا، وبدرجة أقل في سوريا والعراق، وربما يتم تفعيل العمليات في ساحات أخرى مرتبطة.
العمليات الإرهابية في إيران: تجهيز وإعداد متطورين
ففي الجمهورية الإسلامية، أعلنت الشرطة منذ أيام إلقائها القبض على عناصر في التنظيم، كانوا يخططون لتنفيذ هجوم انتحاري أثناء عيد الفطر.
وقد سبق للتنظيم في كانون الثاني / يناير الماضي أن أعلن مسؤوليته عن تفجيرين حصلا خلال الذكرى السنوية الرابعة على استشهاد الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني في كرمان، واللذان أديا الى مقتل قرابة 100 شخص وإصابة العشرات، وهو ما أجمعت السلطات في الجمهورية الإسلامية حينها بأنه يصبّ في المصلحة الأمريكية والإسرائيلية حصراً.
وفي سياق متصل، كشفت آخر التحقيقات حول الحادث الإرهابي الذي حصل منذ أيام في شابهار ورسك، أن المنفّذين للعملية لم يكونوا إيرانيين ولا حتى يفهمون اللغة البلوشية (مما يزيد من الشكوك بأنهم غير تابعين لجماعة جيش العدل الإرهابية)، بل كانوا جميعهم أجانب مدربين تدريبا كاملا، وأن العمليات قد جرى التخطيط لها من قبل أجهزة أجنبية. كما تم الكشف بأنه كان بحوزة هؤلاء المنفذين معدات متطورة للغاية، منها كاميرا رؤية ليلية متطورة، سترة مضادة للرصاص مثبت تحتها حزام ناسف، قناع مضاد للمواد الكيميائية، لاسلكي احترافي مع اتصال شبكي مستمر، قاذفة قنابل 30 ملم مثبتة على السلاح، متفجرات C4، قاذفة متعددة الأغراض، حزمة حصص غذائية يومية، أسلحة رشاشة من نوع M4 الأمريكية، وسلالم خفيفة للغاية قابلة للطي لدخول الأماكن في هذه العملية.
العملية الأخيرة ضد روسيا
أمّا عملية قاعة الحفلات بمركز كروكوس للتسوق شمال غربي العاصمة الروسية موسكو، التي سقط خلالها 143 ضحية فيما أصيب نحو 152، والتي تبناها تنظيم داعش خراسان. فإن الدولة الروسية قد شككت في تأكيدات الولايات المتحدة الأمريكية بأن داعش خراسان هو المسؤول عنها. وهذا ما عبّرت عنه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عندما شككت في التأكيدات الأمريكية عبر مقال لصحيفة كومسومولسكايا برافدا، توجهت فيه بالسؤال للبيت الأبيض: “هل أنت متأكدة أنه تنظيم الدولة الإسلامية؟ هل يمكنك التفكير في الأمر مرة أخرى؟”، مضيفةً بأن واشنطن تستخدم داعش كـ “فزاعة”.
ربط المقاومة بالإرهاب: خيار أثبت فشله
لن تستطيع تل أبيب أو واشنطن من إعادة عقارب الساعة الى الوراء، وتكرار محاولة ربط المقاومة بالإرهاب، الذي يمثل أهم مكونات الخطاب الإسرائيلي والأميركي والأوروبي، من خلال إعادة تنشيط عمليات داعش من جديد، والربط بينه وبين ما يحصل في قطاع غزة وفي ساحات المقاومة، أو أقله صرف اهتمام الرأي العام الدولي عن هذه الساحات.