يعيش لبنان، حالةً صعبةً جدًا منذ أكثر من أربع سنوات، بعد أن وصفها البنك الدولي، “واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر”.
ويعاني من معضلة اقتصادية اجتماعية معيشية، هدّدت لقمة عيش المواطنين وجعلتهم يعيشون حالةً من البؤس والحزن، نتيجة إهمال الدّولة.
في الأمس، كان الدّولار الأميركي الواحد يسجّل 150 ل. ل. أمّا اليوم، فأصبح الدولار 89 الف ل. ل.
في الأمس، كانت جميع الخدمات التربوية وبما فيها المدارس والجامعات والمعاهد يُحتسب قسطها بالعملة اللبنانية، أمّا اليوم فباتت جميعها تُحتسب بالدولار.
في الأمس، كنّا نشتري الدّواء المحلي لأنه ارخص سعرًا من الدواء الأجنبي، اليوم، إن لم يكن مهربًا أو مسحوبًا أومنتهية صلاحيته، نشتري الأجنبي الأقل سعرًا رغم أنّ جميعها بالدّولار.
اضف إلى ذلك، عدم قدرة الناس الشرائية على تأمين أبسط مطالبهم اليومية من مأكل ومشرب وملبس ودفع إيجار المنزل وتأمين فواتير الإنترنت وغيرها.
55 % هم من الفقراء…
عندما كان الحدّ الأدنى للأجور يسجّل 675 ألف ل. ل. كان الوضع أسهل بكثيرٍ من أن يصبح الحدّ الأعلى للأجور 600 دولار أميركي.
فالأستاذ والصحافي وموظّف الدّولة والعامل في الفنادق والمطاعم والمسابح، لا يتعدى راتبه الـ300 أو الـ400 دولار. فهل هذا عدلٌ؟
وبحسب ما أكّدته الدولية للمعلومات لجريدة الدّيار،” 55 % من اللبنانيين المقيمين في لبنان يعتبرون من الفقراء. وقال محمد شمس الدّين، إنّ المليونين والمئة ألف لبناني هم من فقراء لبنان.
بعد الأزمة الاقتصادية والثورة، انقسم الشعب اللبناني إلى طبقتين، الطبقة الغنية الرأسمالية وهم أصحاب النفوذ والسّلطة والتّجار.، والفقراء أي الموظفين العاملين في الشركات ويتقاضون راتبًا لا يكفيهم أسبوعًا. أو العاطلين من العمل.
فنسبة البطالة بلغت 47.8 % في لبنان نتيجة تدهور الأوضاع في الشركات، بحسب آخر الإحصائيات التي صدرت في تقرير منظمة العمل الدولية منذ أيام، مسجلةً لبنان في المرتبة الأولى عربيًا، بحيث يعاني الشاب اللبناني من البطالة، خصوصًا بين العام 18 و28″ .
وبحسب الإحصائيات، “فقد من الشّباب الذين كانوا يعملون قبل الأزمة، 27.7% منهم أعمالهم، أمّا الذين لا يزالون في أعمالهم، فانخفضت رواتبهم إلى النصف وأكثر”.
بالتوازي، رصد التقرير الأحدث لمنظمة العمل الدولية، “إنخفاض نسبة عدد الموظفين من إجمالي عدد السكان في لبنان لتصل إلى 30.6% للعام 2022، مقارنةً بنسبة 43.3% للعام 2019. وارتفع معدّل البطالة من 11.4% عام 2019، إلى 29.6% في نهاية العام.
وفقد المواطن اللبناني قدرته على تحمّل الأعباء المعيشية والاقتصادية الصعبة، نتيجة كل المعاناة التي يعيشها أكان من ناحية مدفوعاته وايجاراته وأدويته وتعليم أولاده…إلخ وباتت الحياة أصعب بكثيرٍ ممّا كانت في السابق.
ونتيجة هذه الأعباء والغلاء الفاحش في لبنان، ارتفعت معدلات الانتحار وقفزت 16% في العام 2023 عن العام 2022، وفقًا لدراسات أجرتها الدولية للمعلومات. وبلغت نسبة الانتحار 170 حالة مقارنةً بـ 138 حالة في العام 2022″.
لبنان يشهد ارتفاعًا في الجرائم والسرقات
يواجه المجتمع اللبناني تحديات السّرقات وكأنها انتشرت في جميع الضواحي والمدن اللبنانية في الفترة الأخيرة. ويعود السبب الأساسي وراء ذلك إلى الوضع الاقتصادي الصّعب والعوز لدى معظم اللبنانيين بعد أن فقدت العملة الوطنيّة قيمتها مقابل الدّولار الأميركي.
وبحسب “الدولية للمعلومات”، “سجّلت المؤشرات الأمنيّة لدى المقارنة بين العامين 2022 و2023 (من شهر كانون الثّاني حتّى شهر نيسان) ارتفاعًا في جرائم سرقة السيّارات بنسبة 8.4%، وجرائم السرقة بنسبة 38.3%، وجرائم الخطف بنسبة 74.2%. مع الإشارة إلى أنّ هناك حوادث سرقة لم يتمّ إبلاغ القوى الأمنيةّ عنها، وبالتّالي قد تكون الأعداد الفعليّة أكبر من الأعداد المذكورة في هذا الإحصاء الرسمي”.
وفي السياق، اوضّح مصدرٌ أمنيٌ للدّيار، “أنّ العنف الأسري ساهم إلى درجة كبيرة في تفشّي نسب الجرائم. ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أنّ الفقر والبطالة عاملان أساسيان لتفكك العائلة ما يمكن أن يؤدّي إلى خلافات تتطوّر الى إطلاق نار أو طلب فدية أو غيرها.”