250 إصابة تسجّل سنوياً بسرطان عنق الرحم في لبنان، تخسر نصف المصابات به معركتهن مع المرض الخبيث، ليس بسبب خطورته فقط، وإنما لغياب إجراءات الوقاية والحماية والتوعية على أهمية القيام بالفحوص الدورية اللازمة وضرورة التلقيح
رغم فداحة هذا الرقم، إلا أن أخطر ما في الأمر أنّ سرطان عنق الرحم، كغيره من أنواع السرطانات، ترتفع أعداد المصابات به عاماً بعد آخر.
إذ إن رقم الـ 250 هو أكثر من ضعفَي آخر إحصاء لمنظمة الصحة العالمية عام 2019 قدّر عدد المصابات في لبنان بـ108 (عام 2017 أجرت وزارة الصحة إحصاء قدّر عدد المصابات بـ104)، كما أن النسبة المعلنة عن الوفيات السنوية ليست الحصيلة النهائية، إذ ثمة نساء يتوفين ولا تسجّل أسباب الوفاة في خانة هذا المرض.
وتسهم عوامل كثيرة في إبقاء هذا السرطان في حالة نشاط مستمر، منها اثنان أساسيان، أولهما التلكؤ «الرسمي» على مستوى التقصّي الدوري للحالات المصابة في البلاد، أسوة ببقية دول العالم التي تقوم بحملات تقصٍّ في إطار الوقاية قبل الوصول إلى مرحلة العلاج، وثانيهما تردّد النساء وتقاعسهن عن الزيارات الدورية إلى الأطباء، ما يصعّب الكشف المبكر عن المرض، إضافة إلى عدم التشجيع الكافي من قبل مقدمي الرعاية.
وإلى ذلك، أدّت الأزمة المالية في قطاع الصحة إلى ارتفاع نسبة الممتنعات عن زيارة الأطباء من جهة، وإلى انقطاع أدوية كثيرة أساسية لعلاج مختلف أنواع السرطان، ومنها عنق الرحم، ما أثّر في استكمال العلاجات لنساء كثيرات أو تقطّعها، وأدّى بالتالي إلى تراجع نسب الشفاء.
لكل تلك العوامل، لا يزال سرطان عنق الرحم في لبنان، كما في بقية دول إقليم شرقي المتوسط، من بين الأنواع الخمسة الأولى الأكثر انتشاراً مع القدرة على «القتل»، تتجه دول كثيرة إلى تحقيق هدف «صفر إصابات» بسرطان عنق الرحم، لأنه من الأنواع السرطانية «التي يمكن منعها»، بحسب أطباء مختصين، وذلك عبر اعتماد إستراتيجية الوقاية والتلقيح، استناداً إلى معادلة 90/70/90 التي تتبناها منظمة الصحة العالمية والتي تقوم على مبدأ تلقي 90% من النساء لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، وخضوع 70% من النساء اللواتي تُراوح أعمارهن بين 35 و45 عاماً للفحوص اللازمة، وحصول 90% من النساء المشخّصة إصابتهن بالسرطان على العلاج.
في لبنان لا يزال الواقع بعيداً جداً من الوصول إلى مثل هذه المعادلة، مع صعوبة وصول نساء كثيرات إلى علاجاتهن في ظل أزمة الدواء، ورفع الدعم، ولعدم شيوع ثقافة التلقيح الذي أثّر على أعداد الملقّحات، ولعدم إدخال اللقاح ضمن روزنامة التلقيح الوطنية، إضافة إلى سعره الذي يصل إلى 180 دولاراً ليس في متناول فئة كبيرة من النساء.
لذلك تسعى وزارة الصحة إلى إدخال اللقاح ضمن الروزنامة «بحيث يصبح جزءاً من الرعاية الصحية الأولية ومتاحاً في المراكز التابعة للوزارة»، بحسب ما أكد وزير الصحة فراس أبيض في معرض إطلاق المركز الطبي في الجامعة الأميركية بالتعاون مع «برنامج الصحة الجنسية المتكامل – مشروع التوعية والتلقيح ضد سرطان عنق الرحم 2023 – 2024».