مقالات

نـصرك هز الدنيا.. ولو بغيابك يا سيّد نصرالله

مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح اليوم، عاد أهالي الضاحية والبقاع والمناطق الجنوبية اللبنانية إلى قراهم ومدنهم التي نزحوا منها بفعل الـ.ـعـ.ـدوان الصهـــيونـ.ـي، رافعين شارات النــ.ـصر، وصور الشهــ.ـيد الأسمى، الأمين العام لحـ.ـزب الله، السـ.ـيـ.ـد حسن نصـ.ـرالله.

كانت تلك العودة السريعة، والتي لم تنتظر تعليمات السلطات اللبنانية الأمنية والعسـ.ـكر ية، ولم تخش ما تبقى من جنود الـ.ـعـ.ـدو “الإسرائيلي” في مناطق التوغل الفاشل في الحافة الجنوبية، كانت العودة مؤشراً على نــ.ـصر إلهي جديد يتكرر في لبنان، لكن ينقصه غياب السـ.ـيـ.ـد نصـ.ـرالله.

عندما تستمع لأبناء مجتمع المقـ.ـاومة في لبنان، تشعر معهم بفرحة عارمة بالنــ.ـصر، مشوبة بغصة فقدان الأغلى على قلوبهم وقلوبنا وقلوب المؤمنين بالجـ.ـهــاد ومقـ.ـاومة الـ.ـعـ.ـدو “الإسرائيلي”، ولا عزاء في ذلك إلا أن دماءً طاهرة كتبت نــ.ـصراً إلهياً جديداً في لبنان.

ما رأيناه وسمعناه من أهلنا في لبنان، هو أن روح الشهــ.ـيد الأسمى، ترافق المنتصرين، سواء من المجـ..ــاهدين الأبطال الذين ثبتوا في الثغور اللبنانية، أو أولئك الأهالي الذين صمدوا خلال النزوح، متحملين أعباء وآلام ترك المنازل والضيع والقرى، كانت روحه بادية، تحدثهم بالنــ.ـصر، وتعدهم بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد، فالنــ.ـصر صبر وثبات، وهم أهله. كلماته التي لا يزال صداها يتردد، عن أشرف الناس وأعز الناس، ها هي تسمع اليوم، تختلج في الصدور، لتصل إلى المآقي قطرات من الدمع، وفي الحلوق بنوع من الحشرجة الممزوجة بلوعة الفقد، وتوقد الشوق.

إن ثبات المجـ..ــاهدين وحاضنتهم وأهلهم، في الميدان والنزوح، والموقف والمبدأ، كما لو أن نصـ.ـرالله السـ.ـيـ.ـد الأسمى، حاضر بينهم، بصوته وكلماته، بتحريضه وتطمينه، كل ذلك الثبات كان أهم عوامل الانتصار، فجبهة البيئة الحاضنة جبهة متقدمة، صبراً وشموخاً، صنعت النــ.ـصر وشكلت ركناً وركيزة أساسية فيه، ولهذا نراهم يعودون رافعي رؤوسهم، شامخين بأنوفهم، على وجوههم بسمة النــ.ـصر، وفي محياهم دمعة الفراق لصانع زمن الانتصارات.

إن جنوح الـ.ـعـ.ـدو “الإسرائيلي” للقبول بوقف إطلاق النار في وقت كان ينتظر ترامب الذي يمكن أن يكون أكثر تشدداً في دعم الـ.ـعـ.ـدو ومشاريعه التدميرية والتوسعية في فلسـ.ـطين ولبنان، مضافاً إليها أوهام “الشرق الأوسط الجديد” التي عاد نتنياهو لترديدها، وهو يعلن قبول كيانه بوقف إطلاق النار، هذا الجنوح هو أكبر دليل على أن الكيان مني بهزيمة منكرة لا تغطيها أي إنجازات تكتيكية باغتيال القادة أو بتدمير القرى والمدن وصولاً إلى الضاحية.

مراوحة الـ.ـعـ.ـدو “الإسرائيلي” بجيشه قرابة الشهرين في الحافة الجنوبية، وهو الجيش المدجج بأعتى عتاد قتالي، وأحدث معدات حربية، وأرقى تكنولوجيا عسـ.ـكر ية، دون القدرة على التثبيت في أي نقطة أو قرية أو ضيعة لبنانية وصلت إليها آلياته أو جنوده، رغم الغطاء الناري الجوي الكثيف، والتحليق المستمر بأنواع الطا ئرات، هي التي فرضت على نتنياهو أن يقبل بوقف إطلاق النار، مضافاً إليها، تلك الصـ.ـو اريخ والمسيرات التي دكت عمق الكيان وأغلب قواعده العسـ.ـكر ية في الشمال والوسط والشريط الساحلي لفلسـ.ـطين المحتـ ـلة.

لو كان الـ.ـعـ.ـدو قادراً على فعل المزيد غير القـ.ـتل والتدمير، لما تردد في رفض أي صيغة لوقف إطلاق النار، مستنداً إلى أكبر إنجاز عسـ.ـكر ي وأمني حققه ضد حـ.ـزب الله، باغتيال أمينه العام، إلا أن تعافي المقـ.ـاومة خلال عشرة أيام فقط، وعودة القيا دة إلى العمل بكامل القدرة والكفاءة وبذات الخطط التي وضعها الشهــ.ـيد الأسمى السـ.ـيـ.ـد نصـ.ـرالله، أعاق الـ.ـعـ.ـدو، وجعله يفضل الاتفاق على المضي في حرب خاسرة.

ما قاله نتنياهو عن إعادة تأهيل جيشه، هو سبب جوهري للقبول بوقف إطلاق النار، وما أكثر التقارير العبرية التي أكدت أن الجيش الصهـــيونـ.ـي أصبح في حالة إنهاك، ومحاولات التجنيد من “الحريديم” وتغيير قوانين التجنيد وتخفيض السن المطلوبة، كلها كانت مؤشرات على أن جيش الـ.ـعـ.ـدو في أسوأ حالاته، وعلى نتنياهو أن يبادر لإنقاذه من الانهيار التام، ولهذا رأينا إجماع المؤسسة الأمنية والعسـ.ـكر ية بالموافقة على هذه الصفقة.

عوداً على بدء، فإن صورة الانتصار الواضحة على جانبي الحدود، بالتحديد في الجانب اللبناني منها، رسمتها عودة أهالينا إلى قراهم وضيعهم والوقوف على أطلال وركام منازلهم، رسمها ازدحام طرقات الجنوب، رغم محاولات الـ.ـعـ.ـدو “الإسرائيلي” إطلاق أعيرة نارية في الهواء لإخافتهم من العودة، لكنهم عادوا، يحملون رايات حـ.ـزب الله المنصور، وصور الشهـ.ـداء القادة، وفي مقدمتهم الشهــ.ـيد السـ.ـيـ.ـد نصـ.ـرالله رضـ..ـوان الله عليه.

أما الجانب الآخر من الحدود، في الشمال الفلسـ.ـطيني المحتـ ـل، فلم يعد حتى اللحظة أي مستـ.ـوطن، بل هناك تعليمات من السلطات الصهـــيونـ.ـية تطلب منهم عدم العودة إلى المستـ.ـوطنات الشمالية المدمرة.

علاوة على هذا، فإنه صورة نــ.ـصر لبناني كبيرة، وهزيمة “إسرائيلية” واضحة، فهو دليل على أن أهل الأرض يعودون إليها في كل الأحوال، يرون فيها زهرة حياتهم، هم الذين يصنعون فيها الأمن، ويجدون في كل تفاصيلها الرفاه، أما أولئك المغتصبون الصـ.ـهاينة، فلا يرون الأرض التي لا يمتلكون أي شبر منها تستحق حتى مجرد العيش فيها إن لم توفر لهم الأمن والرفاه، ويفضلون البقاء في فنادق النزوح في “تل أبيب” و”إيلات”، على العودة إليها.

علي الدرواني_ العهد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى