أخبار لبنان

لِئلا تكون الامتحانات موقّعة بدم الشهادة، طلاب الجنوب للحلبي: هل ستتفقّد مراكزنا؟

منذ اللحظة الأولى كان هناك حديث عن امتحانات رسمية لطلاب لبنان الذين أنهوا برنامجهم التعليمي وتابعوا عاماً دراسياً طبيعياً، وتأجيل امتحانات أبناء القرى الحدودية الذين ما إن بدأوا العام الدراسي حتى انطلقت حرب الإسناد، ما دفعهم إلى مغادرة منازلهم وتنقّلهم من قرية إلى أخرى بحثاً عن الأمان والقدرة على التعلّم عن بعد، إلّا أن القيّمين على شؤون العباد في لبنان أصرّوا على امتحانات واحدة في توقيت واحد انطلاقاً من فكرة رفض تقسيم لبنان.

لكن لم يكن في حسبان أهل القرار أنّ الحرب ستمتد على مدى العام الدراسي وتبلغ زمن الامتحانات، تحت أزيز الطائرات الإسرائيلية والمسيّرات التي تغتال المقاتلين كما المسعفين والمدنيين وترتكب المجازر بحق أبناء الجنوب منذ أكثر من ثمانية أشهر. وعلى الرغم من كل ذلك، يطل عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أشرف بيضون بين الحين والآخر ليؤكد أن الامتحانات حاصلة حاصلة حاصلة.

حتى الآن تبدو الأمور ورديّة بنظر المصرّين على امتحان أبناء الجنوب العائشين تحت العدوان الإسرائيلي والقذائف الفوسفورية والحارقة، والذين خسروا أشقاء أو آباء وأمهات وأقارب منذ اندلاع المواجهات، ولكن هل سأل أحدهم عن أحوال التلامذة واستعداداتهم؟ نحن في موقع “ليبانون فايلز” سألنا ووقفنا عند معاناتهم وفي هذا السياق، تقول زينب وهي تلميذة إجازة فنّية من عيتا الشعب: “أوّل أيام الحرب هو اليوم الوحيد الذي ذهبنا فيه إلى المدرسة ثم بقيت أنا وثلاثين من رفاقي من دون تعليم لثلاثة أشهر، ثمّ انتقلنا إلى مدرسة العباسية بناء على تعليمات وزير التربية، لكنّ الظروف لم تسمح بتأمين النقل، حاولنا التعلّم عن بعد، فغدرت بنا الكهرباء، لجأنا إلى هواتف ذوينا لنتابع الدراسة أون لاين، ولم تتوقف المصاعب هنا، إذ كانت تطال الأساتذة الذين يفتقدون التيار الكهربائي والانترنت، واكتملت المصائب عندما استُشهد عمّي، وبعد ذلك تهجّرنا من قرية إلى أخرى بحثاً عن الأمان والهدوء، وعلى الرغم من ذلك، نحاول أن نستعد للامتحان لكن القصف الإسرائيلي والمسيّرات وغارات الطيران الحربي وجدار الصوت لا يسمح لنا فيضيع كل تركيزنا. أنا حتى الساعة لم أدرس بسبب كل الظروف المحيطة، وسألت وزيرة التربية، هل تعتقد بأن أوضاع أبناء الجنوب الأمنية والنفسية والتعليمية تسمح بإجراء الامتحانات؟ لو كان ابنك من الجنوب هل كنت لترسله إلى مركز الامتحان وهل ستتفقد مراكزنا؟ وهل تضمن نجاح خطتك الأمنية لتوفير الظروف المناسبة للامتحانات؟ وهل تضمن أرواحنا؟”.

ويقول حسن جميل ابن عيتا الشعب والنازح باتجاه عيترون لوزير التربية عبر موقعنا “لقد نزحنا من بيوتنا والقصف بلغ عيترون في الفترة الأخيرة، وعلى الرغم من ذلك فأنا استعد للامتحان لكن جدار الصوت يعيدني إلى الواقع الصعب فأنسى كل ما درست، نحن نعيش أوضاعاً صعبة جداً تؤثّر على معنوياتنا، ونطالب الوزير الحلبي بأن يرحمنا من خلال تخفيف المواد المطلوبة وتسهيل الامتحان لأننا متعبون جداً”.

وتقول هالا “كل منّا خسر غالياً عليه في الحرب الدائرة، وإمكانات الدرس ضعيفة جداً على المستويات النفسية والجسدية واللوجستية، وإذا كانت الوزارة لن تلغي الإمتحانات، فنطالبها على الأقل بتقليص المنهج لأنها تدرك جيّداً أن الكثير من الدروس المهمة قد شُرحت على عجل ولا نعرف إن كانت مطلوبة أم لا”.

أما رهام فشرحت للوزير الحلبي أنها من “التلامذة الذين نزحوا عن قريتهم إلى مكان أكثر أمناً، لكن الغارات التي استهدفت قريتي كانت تشوّش أفكاري وتحول دون متابعتي الدرس. لقد استُشهد اثنان من أفراد عائلتي فكيف أدرس وكيف أركّز على الامتحانات؟ نحن نعيش أمراً واقعاً صعباً ونعوّل كطلاب الجنوب على إحساسكم بالأبوّة لإلغاء الامتحان الرسمي ومنحنا إفادات”.

حبيب ذهب أبعد من ذلك إذ أكد أن “كل الجنوب ليس آمناً وحياتنا وحياة أهلنا معرّضة للخطر، وهم لن يرسلونا إلى مراكز الامتحانات في المناطق المعرّضة للقصف، كما أننا لن نخاطر بحياتنا، فلو أنّ الظروف طبيعية لكنا أقدمنا وتفوّقنا كعادتنا”.

ومن العباسية قضاء صور يقول محمد “لقد سعيت دائماً للتفوّق من أجل تحصيل جامعي جيد، لكن الحرب على الجنوب باتت خطيرة لا سيما في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ما شتت أفكارنا وضيّع قدرتنا على الدرس وبالرغم من كل ذلك واظبنا وتخطّينا ما يمرّ علينا لكن المصاعب كانت أكبر من قدرتنا على تخطيها”.

مريم طالبة جنوبية قالت للوزير الحلبي “نرجو أن تشعر بنا لأننا تهجّرنا من منازلنا وسكّنا مع العديد من الأسر في منزل واحد حيث لا تتوفر مقومات الدرس، وغادرت غالبيتنا من دون الكتب المدرسية، لذا أنا لست جاهزة للامتحان، لذا نرجو ألّا تضيّع علينا تعب أثني عشر عاماً”.

بعد هذه الصرخات نرجو أن يصل صوت أبناء الجنوب إلى من يعنيهم الأمر، فلا تكون امتحاناتهم موقّعة بدم الشهادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى